يقطع المصور محمد المؤمن مسافة 8 آلاف كلم مسافراً إلى الدول الأوروبية أو الآسيوية بحثاً عن صورة فنية قد لا يستغرق وقتها أكثر من 10 ثوانٍ، وفي ظروف قد تكون غير آمنة أو محددة المصير، ويتبعه صديق المهنة جميل البخيتان الذي ذهب إلى الهند - ليس لجلب عمالة - بل لتصوير عاداتها وتقاليدها وفنها المعماري بحرفية، وكل هذا الجهد ينطلق تحت ذريعة البحث عن مناظر طبيعية تشبع نهم المصور الفوتوجرافي، أو لأن العدسات ضاقت ذرعًا من تكرار المشاهد الفنية المحلية، على الرغم من تنوع الحياة البرية والبحرية في المملكة واختلاف المناخ، وأن معظم اللقطات استهلكت في موسم الحج، والجبال والطيور ومنظر الغروب والشروق في البحار وغيرها، أو لأن حمامة الحي لا تطرب ولا تشبع عيون المصورين السعوديين. "الوطن" رصدت لقطات مصورين محترفين وما يجول في ذهنهما الفني من الاهتمام ونقل الصورة السعودية بعدساتهم إلى مصاف العالمية. المصور محمد المؤمن يرى أن تنوع المناظر الطبيعية والحياة البرية في الخارج أكثر، ويتابع: هذا أمر طبيعي أقره الخالق، ومع ذلك فبلادنا تحتوي على مناطق جميلة ومناسبة للتصوير، وبإمكان العدسات أن تستخرج منها ثروة فنية في غاية الروعة؛ إلاّ أن هذه المناطق متفرقة وفي أماكن متباعدة وتحتاج إلى قطع مسافات طويلة للوصول إليها - مع وعورة الطرق - وتحتاج بعض التمرس في الرحلات وكذلك مساعدات من أهل تلك المناطق للوصول إلى أجمل الأماكن. وذكر المؤمن أنه بعد زيارته لمنطقتين في جنوب وشمال المملكة أدرك أن هناك أماكن توفر لقطات لم تستهلك – على الرغم من أنها معروفة بالنسبة لهواة الرحلات البرية - إلاّ أنها لم تحظ بالتركيز الكافي من قبل المصورين، وفي المملكة مصورون يستطيعون صنع الجمال حتى من المناظر المستهلكة بمهارة وإبداع. ويشاركه صديقه جميل البخيتان في أن التنوع الحضاري والثقافي والفن المعماري واختلاف العادات والتقاليد يعطي الصورة لوناً آخر من الإبداع؛ ولأنَّ عين المصور تعتبر العدسة الأولى في التفاعل مع الصورة التي يراها أمامه فمن الطبيعي أن يكون السفر للخارج ملهما للفنان الفوتوجرافي. وضرب مثالاً على ذلك بشبه القارة الهندية التي تحوي الكثير وتعني الشيء الكثير أيضاً للمصور الذي يبحث عن التميز في اختيار اللقطات ذات القيمة الفنية العالية. المؤمن والبخيتان أشارا إلى أن التصوير خارج السعودية مشوب بشيء من المخاطر، وأنهما تعرضا لعدة مواقف، ففي "سويسرا" كان المؤمن الذي زار عدداً من الدول ك"لبنان، تركيا، فرنسا، إيران، سويسرا، وبريطانيا وغيرها" قاب قوسين من السقوط من أحد الجبال في منطقة مرتفعة جداً وشديدة الانحدار، ونصح زملاءه بضرورة الاهتمام والاستعداد للرحلة بحيث تكون آمنة، أضف إلى ذلك تكاليف الرحلة الواحدة. أما البخيتان فتم إيقافه في "إندونيسيا" عندما كان يلتقط بعدسته مناظر طبيعية ولكنه فوجئ بأنه بجانب منشأة أمنية وتم إطلاق سراحه بعد التحقيق معه وإثبات هويته. ويعود المؤمن ليؤكد أن التصوير داخل المدن السعودية محكوم بقليل من الحرية عامة، أما خارج المدن فالمصور له حرية عالية وأغلب سكان المناطق البرية يتفهمون المصور بشرط ألاّ يقترب من مساكنهم بعدسته. وأوضح البخيتان أن تكاليف السفر عالية لا يمكن الاستهانة بها، وأضاف: كلما شدتك المناظر ونالت إعجابك اللقطات المنثورة أمام عينيك فعليك أن تستعد لصرف 200 دولار يومياً، وقال إنه يستمتع بالصورة كفن وليس للدخول في رالي المسابقات التصويرية.