قررت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق أمس، إعادة فرز الأصوات يدويا في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في 12 مايو الماضي، مؤيدة بذلك قرار البرلمان العراقي. وقال رئيس المحكمة مدحت المحمود، في مؤتمر صحفي إن «المحكمة ترى أن توجه مجلس النواب بإعادة العد والفرز، إجراء تنظيمي وليس فيه مخالفة لأحكام الدستور». وبدأ بالفعل تنفيذ قانون إعادة فرز الأصوات، إذ تم تكليف قضاة بتولي مهام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. والحكم نهائي وغير قابل للطعن عليه. وتولت المحكمة الاتحادية العليا مهمة البت في الأمر بعد أن طعن على تعديل القانون كل من رئيس البلاد ورئيس مفوضية الانتخابات وحزب كردي لأسباب متعددة، وكان البرلمان قد طالب بإعادة فرز الأصوات، مما أثار نداءات بإعادة الانتخابات، وصوت النواب لصالح إلزام المفوضية بإجراء عملية تعداد جديدة يدوية في عموم البلاد لما يقارب 11 مليون صوت، إضافة إلى انتداب 9 قضاة للإشراف على هذا الأمر بدلا من أعضاء المفوضية. انتخابات الخارج من جهة ثانية، رفضت المحكمة الاتحادية قرار البرلمان بإلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين والقوات الأمنية، معتبرة أن ذلك «هدر للأصوات ومصادرة لإرادة الناخبين». وأشار المحمود إلى أن النتائج التي «شابتها المخالفات كالتزوير وغيره والتي رفعت بشأنها شكاوى إلى المفوضية، يمكن إرجاء إعلان نتائجها إلى حين البت فيها سلبا أو إيجابا». كان ائتلاف «سائرون» الذي يدعمه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد فاجأ الجميع بحلوله في طليعة الفائزين في الانتخابات، متقدما على ائتلاف «الفتح» بقيادة هادي العامري، تلاه ائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي. وعقب صدور النتائج احتجت شخصيات سياسية نافذة موجودة في السلطة منذ سنوات، وطالبت بإعادة الإحصاء والفرز أو إلغاء نتائج الانتخابات، منتقدة بصورة خاصة استخدام التصويت الإلكتروني للمرة الأولى في البلد.
لا تغيير كبيرا في هذا الإطار، أوضح الخبير القانوني حيدر الصوفي، أن قرار المحكمة لن يؤدي إلى «تغيير كبير في نتائج الانتخابات»، لافتا إلى أن التغيير قد يحدث في ثلاثة إلى أربعة مقاعد داخل كل كتلة، لكن يبقى أن الكتل التي تملك أربعين إلى خمسين مقعدا لا يمكن لها تشكيل حكومة وحدها دون تشكيل تحالف. ولفت الخبير القانوني طارق المعموري إلى أن التغيير إن حصل بعد الفرز اليدوي سيكون في المناطق السنية والكردية. وقال المعموري إن «العد والفرز اليدوي فيه مجال أكثر بكثير للتزوير من العد الإلكتروني، لكن نحن نثق بالقضاء أكثر من المفوضية»، مضيفا «إذا أدار القضاة العملية بكفاءة أتوقع تقلص التزوير بنسبة كبيرة جدا». ويرى المعموري أن تصويت الخارج لن يغير شيئا، إذ إنه يشكل فقط 3% من مجموع الأصوات، مشيرا إلى أن «العد والفرز لأصوات النازحين الذي جرى خصوصا في محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل، سيغير النتائج في عدد من المقاعد». وتابع أنه «في إقليم كردستان أيضا سيخسر الاتحاد الوطني الكردستاني كثيرا، لأنه أكثر المستفيدين من التلاعب».