قبل أيام دخلت مجموعة مرعبة من الصدريين متجرا لبيع الملابس النسائية في معقل الحركة في مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد وطلبوا من صاحبه رفع الملابس النسائية الداخلية من واجهة المتجر. وقال صاحب المتجر، الذي رفض الكشف عن هويته خشية الانتقام، بعد مغادرة الجماعة "لم أرتكب أي فعل خاطئ". ومع ذلك، قام من فوره برفع الملابس "الخادشة للحياء" ليضعها في نهاية المتجر. ومن جهته أفاد صاحب مقهى قريب، يخشى هو أيضا من كشف هويته، أن الصدريين طلبوا منه طرد الشبان من مقهاه أو مواجهة الإقفال لإفساده الشباب. الترهيب الذي يقوم به الصدريون بفرضهم "تفسيرهم المتشدد للإسلام" كان قد خفت حدته العام الماضي في المناطق التي يسيطرون عليها تقليديا بعد أن أقدمت قوات الأمن العراقية على سحق ميليشيا جيش المهدي، لكن الآن عادوا وبقوة مدفوعين بانتصار حركتهم في انتخابات مارس الماضي. وخاض جيش المهدي عدة معارك ضد القوات الأميركية منذ عام 2003، وتورط في العنف الطائفي. وفي السنوات الأخيرة، باتت حركة الصدر أقرب إلى إيران، حيث يتلقى زعيم الحركة، مقتدى الصدر، تعليمه هناك مما يعني أن وجوده يمنح طهران سبيلا آخر للتدخل في الشؤون العراقية. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم سيعيدون النظر في مساعدة القوات العراقية الواقعة تحت سيطرة الصدريين، الذين اشتبكت ميليشياتهم مرارا مع الأميركيين منذ عام 2003. وينظر التيار الصدري إلى القوات الأميركية باعتبارهم غزاة، ومن شأن وجودهم داخل الحكومة أن يجعل من المستحيل على العراق والولايات المتحدة التفاوض بشأن اتفاق يسمح للقوات الأميركية بالبقاء لفترة أطول. لكن النائب الصدري البارز حكيم الزاملي قال إنه ليس هناك خط أحمر ضد تولي التيار الصدري أي وزارة في الحكومة. وقال إن كتلته تسعى للحصول على منصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الأمنية. وقال "إن الملف الأمني معقد جدا ويحتاج إلى تطهير ورعاية خاصة"، مشيرا إلى أن التيار الصدري تحدث عن الحاجة إلى إجراء تعديل واسع داخل قوات الأمن، مما يثير مخاوف بشأن رغبتهم في استبعاد العناصر السنية وجلب عناصر موالية لهم. وكان الزاملي نائبا لوزير الصحة عندما كان التيار الصدري يتقلد هذه الوزارة في الحكومة السابقة، وكان أحد مسؤولين اثنين في الحكومة السابقة اتهما بالسماح لفرق الموت الشيعية باستخدام سيارات الإسعاف والمستشفيات الحكومية لتنفيذ عمليات الخطف والقتل. وأسقطت هذه التهم التي كانت موجهة للمسؤولين ونفى الزاملي ارتكابه أي مخالفات. وقال المحلل السياسي العراقي هادي جلو إن الصدريين سيحاولون دفع ضباط موالين لهم داخل المواقع الوسطى للأجهزة الأمنية بحيث يمكنهم انتهاك سيادة القانون دون أن يلحظهم أحد، لكن هؤلاء يدركون مدى صعوبة الحصول على المناصب الأمنية رفيعة المستوى حيث إن المالكي يحتاج إلى الحفاظ على علاقة مقبولة مع الأميركيين، الذين ما تزال قواتهم تقوم بمساعدة وتدريب القوات العراقية.