في الوقت الذي تستعد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لتشكيل حكومتها الجديدة، وذلك بالتزامن مع بدء إجراءات خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، تخطط المفوضية الأوروبية لتمويل الدفاع الأوروبي المشترك، وذلك لمساعدة القارة العجوز في تجاوز محنتها الأمنية والاقتصادية، ومقاومة التصدع الذي يمكن أن ينتج في دولها المتحدة. وأتت هذه الخطة على لسان رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إذ أعلن أن الاتحاد الأوروبي يخطط ليصبح أكبر مستثمر عالمي في قطاع الصناعة العسكرية مستقبلا، ملمحا إلى ضرورة عدم الاعتماد على أمن الولاياتالمتحدة، باعتبار أن مواقفها متقلبة مع الناتو والاتحاد. واقترحت كل من فرنسا وألمانيا، اللتين تخططان لزعامة الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، التركيز على الأمن والدفاع المشترك للقارة، فيما كانت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة تجاه أزمة الناتو والمطالب بدفع تكاليف الحماية، الدافع الأكبر إلى إنشاء هذا الصندوق الذي من المتوقع أن تناهز قيمته 5.5 مليارات يورو سنويا. صدمة بريطانيا يرى محللون أن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، باتا يتحسسان من إمكان تقويض نفوذيهما على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ أسهم قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في تزايد المخاوف حول إمكان أن تتبع دول أخرى الخطوة البريطانية، وذلك في ضوء الأزمات الاقتصادية وتهديدات روسيا من جهة، وصعود الأحزاب اليمينية الشعبوية من جهة أخرى. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، صرحت مؤخرا بأن الولاياتالمتحدة لم تعد شريكا يعتمد عليه، وأن أوروبا عليها أن تتولى مصيرها بنفسها، وهي التصريحات التي فُهمت بأنها إعلان لانفصال أوروبا عن الولاياتالمتحدة. وزادت المطالب بضرورة توحيد الجهود، وتقوية حلف الناتو بعد سلسلة الهجمات التي شهدتها عدة دول أوروبية، ونفذها تنظيم داعش المتشدد، وأبرزها بلجيكاوفرنساوبريطانيا، فيما سيركز الصندوق الاستثماري على تمويل أبحاث الدفاع في مجالات الإلكترونيات والبرامج المشفرة، والهندسة العلمية والطائرات بدون طيار، وبعض المعدات العسكرية الثقيلة. عدم وضوح الخطط بحسب خبراء، ما تزال هناك الحاجة إلى فهم كيفية تمويل مثل هذه الخطط الدفاعية من ميزانية الاتحاد الأوروبي، وذلك في ضوء الأزمات الاقتصادية للدول الأعضاء، ومشكلة نقص الإسهام الأوروبي بنحو 10 مليارات يورو فور خروج بريطانيا من الاتحاد، وسحب جميع إسهاماتها المالية. كما أن مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدول الناتو حول الالتزام بجميع تعهداتها المالية إزاء الحلف، زادت من ارتباك الدول الأعضاء، في وقت نفت بروكسل مرارا نيتها تأسيس جيش جديد للاتحاد الأوروبي.