بالأعيرة النارية المنطلقة من بنادق "المقمع والفتيل"، كان أهالي محافظة المجاردة في الماضي يعبرون عن فرحتهم بحجاجهم العائدين من المشاعر المقدسة، أما الآن ولظروف عديدة فقد اختفت هذه العادة، وإن لم تختف مظاهر الفرحة الأخرى بالحجاج والتي توارثها الأبناء عن الأجداد، والتي تبدأ باستقبالهم عند عودتهم وتهنئتهم وزيارتهم وإقامة الولائم، وغير ذلك من العادات التي تنم عن الوحدة والترابط والتراحم بين أهالي المجاردة. الحج في الماضي وذكر أحد كبار السن بالمحافظة عبدالله بن محمد الشهري ل "الوطن"، أن مناسبة الحج بذاتها تعني الشيء الكثير لجميع المسلمين كافة، وقال "نحن هنا في المجاردة والمناطق المجاورة لنا كنا في الماضي نحتفل بالحاج منذ معرفة نيته للحج من خلال عادات قديمة تنم عن تكاتف الجميع وحبهم لبعض وحرصهم على مشاركة هذا الحاج فرحته بذهابه إلى المشاعر المقدسة من خلال التجمع في منزل كل من يريد الحج وتناول وجبة العشاء والتلبية بالحج والتكبير والتهليل والدعاء له بقبول الحج والعودة سالماً معافى. ويقدم الأهالي كافة التسهيلات والدعم لحجاج بيت الله. وأضاف، أن رحلة الحجاج كانت في الماضي تستغرق شهورا للوصول إلى مكةالمكرمة إما راجلين أو على الجمال والحمير، وعند عودتهم يستقبلهم الأهالي على حدود القرية بالترحيب والعناق وإطلاق الأعيرة النارية خاصة للحاج السرارة "الشخص الذي يحج لأول مرة"، في حين تقوم نساء القرية بإعداد الطعام في المنازل ويستقبلن الحجاج على مشارف المنازل بالزغاريد, وقال "نصطحب بعد ذلك الحجاج جماعات إلى أحد المنازل لأخذ علوم رحلتهم وكيف كانت مناسكهم ثم نتناول الغداء إن كان وقت غداء أو العشاء إذا تزامن حضورهم مع المساء". وبين أنه بعد الاستقبال الحافل للحجاج، يتركهم الأهالي لأخذ قسط من الراحة من عناء الطريق ورحلة الحج، بعد ذلك يتم ذبح الذبائح ودعوة كافة أفراد القبيلة لتناول العشاء والتسامر وتجاذب أطراف الحديث حول المناسك بالنسبة للحجاج الذين بدورهم يسألون عن الديرة والأحداث التي وقعت في غيابهم أثناء رحلتهم لأداء الفريضة، كما يقوم الحجاج بتوزيع الهدايا على أهالي القرية والتي تتمثل في نوع معين من المكسرات تسمى "الحمبص" ومعها بعض الحلويات. الزمن الحالي وأشار الشهري إلى أنه في الوقت الحالي تلاشت بعض هذه المظاهر كالتسامر في منزل الحجيج قبل سفرهم والتلبية لهم كما تلاشت ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية للحجاج عند عودتهم من الحج تنفيذاً للأوامر الأمنية التي تحذر من مغبة ذلك لما يصاحبها من إصابات أو مشاكل لا قدر الله. وقال "في هذا الوقت ما زال الأهالي يتواصلون مع هذه العادات الحميدة التي ورثها الأجداد لنا وبدورنا نورثها لأبنائنا وأحفادنا وتتمثل في الذهاب إلى منازل الحجاج في جماعات والسلام عليهم وتهنئتهم، وبدورهم فإن الحجاج يحضرون معهم الهدايا التي اختلفت في هذه الأيام حيث يحرص كثير من الحجاج على التنويع في هذه الهدايا التي تقدم للزوار حيث تكون المصاحف أو السبح أو دهن العود وغير ذلك". وأضاف أنه بعد مرور يومين أوثلاثة من عودة الحجاج يقوم كل حاج بذبح الذبائح ودعوة كافة أفراد القبيلة وتناول طعام العشاء. ترابط و تراحم ومن جانبه، قال شيخ قبيلة آل صميد عضو لجنة إصلاح ذات البين بالمجاردة عضو هيئة النظر بمحكمة المجاردة الشيخ سالم بن أحمد بن دبج الشهري، إن الحاج فيما مضى كان يكتب وصيته قبل رحلته، وفي حال عودته تلغى الوصية، فيما تنفذ إذا توفي بالحج. وأضاف ابن دبج، أن الأهالي فيما مضى كانوا يجتمعون في منطقة ما لاستقبال الحجاج ببنادق "المقمع والفتيل" والقصائد الشعرية الترحيبية وأخذ أخبارهم والترحيب بالحجاج وأخذ علومهم ومن هذه القصائد "الحج من حج بيت الله: والحمد لله بستر الله". وأشار إلى أن الأهالي كانوا يسيرون بصحبة الحجاج على مسافة 2 كيلو متر، حتى يوصلوا كل حاج إلى منزله، مبينا أن الحجاج كانوا يحرصون على ألا يصلوا إلى الديرة إلا في الصباح حيث يكون الجميع في استقبالهم, بعد ذلك يقوم أفراد القبيلة بتوزيع الحجاج على كافة أفراد القبيلة وعزيمتهم وإكرامهم بالذبائح وتناول طعام الغداء وتجاذب أطراف الحديث عن رحلة الحج. وبعد أداء صلاة العصر يغادر كل شخص إلى منزله. ولفت ابن دبج، إلى أن هذه العادات الطيبة تنم عن الوحدة والترابط والتراحم بين أفراد المجتمع، وقال "كان يفعلها الأجداد ونحاكيهم نحن والأبناء والأحفاد الآن من خلال التواصل مع هذه العادات والحرص على استمراريتها".