ثلاث ساعات من الشعر قدمها مهرجان الدوخلة الوطني، مساء أول من أمس، في أمسيتين لخمسة من الشعراء الشباب، هم: حسين المنجور وحسين اللباد وعلي الغاوي وحسن آل حليل وأمين حيّان. ومن بين عشرات الألوف من زوار المهرجان؛ تسلّل عشرات منهم إلى قاعة الفعاليات المنبرية، وجلست النساء إلى يمين القاعة، فيما جلس الرجال إلى يسارها. كانت الأمسيتان حالة شبه نخبوية في فعاليات المهرجان التراثيّ الترفيهيّ. وعشاق الشعر الحديث يظلون نخبة في النهاية، خاصة مع صوت شعريّ حديث جداً مثل صوت حسين المنجور بشغافة أسلوبه وتورطه الجميل في اللغة المختلفة. ومثلما كانت له نصوصه في الأمسية الأولى التي شاركه فيها حسين اللباد؛ كانت للمنجور رؤيته أيضاً، إذ أكد أن الحالة التغزلية في الشعر هي "نظر للأبعاد الإنسانية بين الطرفين أكثر من كونها لجوءاً إلى الأوصاف الدقيقة للملامح السطحية"، وهي أيضا "دخول لأعمال النفس البشرية والتقاط الجمال في هذه الروح التي هي غاية النظرة الغزلية الحديثة". الأمسيتان تنوعتا في مضامينهما كما في أشكالهما. وقدمت الأولى المنجور واللباد، وتناول اللباد البحر "موضوعات" واضحة العناوين مرمّزة التعبيرات، "دفن البحر، تكوين لحماية الصيادين وحماية البحر والنخل، انحسار المحيط الأخضر واكتساح البساتين". وقرأ اللباد الذي صدرت له مجموعة "سأعود عند المغفرة" عدداً من النصوص هي "أنوثة، القطيف، لا شيء، النوخذة، انتماء، إلى الإخوة، الحرف الأول، التي قال فيها: أتقرب .. أذكي مواسم الحزن بوسامة الأمل أجمع أجزاء الذاكرة الصفراء أحاول محو الأبيض من مفرق شعري أعبث بالصور المغبرة وأتمم حديثي معها. وعلى الرغم من لغته الفارهة وصف حسين المنجور نصوصه بأنها "ما زالت في بداية تكونها، فليس هناك شاعر مكتمل ونص مكتمل، الشاعر يبحث عن الكمال الذي لن يناله، والنص يبحث عن الكمال المفترض"، مضيفا "كل شاعر له نظرته في النص في الشعر، لكن البحث عن الأجمل والأرقى والألذ والأكمل هو غاية الشعر، أما الثبات عند نقطة فهو نهاية الشعر والشاعر". وقرأ المنجور نصوصاً هي "مشمر أمي، وطن بلا أصابع، المتذبذب، أصرخ كشجرة، حصار، طيف، طيور سوداء، أحافير الشعر والشاعر"، ومما ألقاه: أشتهي أن أقضم هذا العطر أن أتوسد على خده بجوع وعلى صدره بشهوة ولكن لا أصابع لروحي ولا أسنان لأنفاسي أما الأمسية الثانية فقد قدمت ثلاثة واعدين هم علي الغاوي، حسن آل حليل وأمين حيّان، الذين قدموا من قصائدهم التي تناولت عدة أغراض شعرية كان أبرزها الغزل والكونية الممتلئة بالتساؤلات والرمزية. قرأ أمين حيان قصائد منها: رسالة إلى صديق، شاركوني، من شظايا الاقتراب، وقرأ حسين آل حليل قطرات، تخبط وأنا والحظ، واختتم علي الغاوي بعدة قصائد منها مرورك والتصاق وفي حضرة الشامان ومنها: كهفٌ وقيثارٌ بلا أوتار لا فرحٌ محلّى والطلاء بوجهكَ القدسيّ يا شامانُ .. يرفل بالمراسيمِ .. السديم يقيّد الأفعال حتما بالضمير وصكّ غفران المجرّة في يديكْ تهفو إلى أحزاننا لتمرّر الأشياء.