بعد الفضائيات الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعي، انتقل التعصب القبلي إلى كتب ودراسات تتناول تاريخ القبائل، مما سبب نزاعات تحول بعضها إلى شكاوى تحقق فيها الجهة المختصة بحقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام، حيث أكد المتحدث الرسمي للوزارة هاني الغفيلي أن هذه الكتب تخضع لإجراءات جهات متخصصة. دوافع كتب القبائل روح العصبية القبلية دفع الضرر عن القبيلة الكتابة عن الشخصيات بمقابل مالي
أكد باحثون ومؤرخون أن التعصب القبلي وجد له ساحة جديدة غير الفضائيات الشعبية وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، وهي المؤلفات والكتب التي تتناول تاريخ القبائل، مما تسبب في ظهور نزاعات عديدة تحول بعضها إلى قضايا وشكاوى تحقق فيها الجهة المختصة بحقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام، وغيرها من الجهات الرسمية ذات العلاقة، فيما أشار المتحدث الرسمي للوزارة هاني الغفيلي إلى أن هذه الكتب تخضع لإجراءات جهات متخصصة. دوافع شخصية يشير أستاذ التاريخ وعميد البحث العلمي بجامعة بيشة الدكتور مسفر الخثعمي إلى خطورة هذا التوجه، سواء على نزاهة البحث العلمي أو اللحمة الوطنية. وقال ل"الوطن": بدأنا نلاحظ في الآونة كثرة الشكاوى لدى الجهات الرسمية، حول بعض الكتب والدراسات التي تتطرق لبعض قبائل المنطقة، والمتتبع لهذه المؤلفات يجد أن هناك عددا من الدوافع تقف وراء تأليف مثل هذه الكتب لعلنا نجملها في الآتي، أولا روح العصبية القبلية التي تثير الفتن والقلاقل وتحيي العصبيات وتنخر جسم الوحدة وتهدد الأمن ومكتسبات الوطن والمواطن، ويعمل الإعلام غير المنضبط في بعض القنوات الفضائية الشعبية على تذكيتها، من خلال اختلاق بعض القبائل مناسبات من أجل التفاخر بالقبيلة والتغني بأمجادها وبطولاتها المزعومة. وثانيها، يكمن في محاولة بعض القبائل دفع الضرر عن نفسها نتيجة لما يحدث في المناسبات القبلية من التجاوز على القبائل المجاورة، وربما مارس هؤلاء نفس الفعل أو أشد، كردة فعل بعيدا عن الحقيقة والأمانة العلمية. وثالث الدوافع هو محاولات بعض الأسر التأليف عن أفراد أو شخصيات من أسرهم، حيث يقومون باستكتاب بعض الكتاب والمؤرخين ليؤلفوا عن أبرز الشخصيات مقابل مبلغ مالي محدد، فإما أن يكتب المؤرخ كما تريد الأسرة وإلا وقع الخلاف بينهما. أما رابع الدوافع فهو ظهور بعض المؤلفات متدنية المحتوى والمضمون، التي تتحدث عن الأنساب والقبائل في المملكة بشكل عام، ولا تخضع تلك المؤلفات للضوابط العلمية ولا لمنهج البحث التاريخي، الأمر الذي يؤدي إلى قيام عدد من القبائل والأفراد بالاعتراض على تلك المؤلفات وتقديم شكاوى لسحبها من السوق، مطالبين بمحاسبة مؤلفيها ومحاكمتهم، وما أكثر هذه الموضوعات في إمارة منطقة عسير وفرع وزارة الثقافة والإعلام.
هياط قبلي يعتقد المؤرخ وعضو مجلس الشورى السعودي سابقا الدكتور محمد آل زلفة أن الوقت كفيل ب"اندماج من تغلب عليهم العصبية القبلية" في المجتمع المدني. وقال ل"الوطن" حول الأمر "لا شك أن ظاهرة الهياط التاريخي ظهرت إلى السطح عقب انتشار مزاين الإبل وظهور الفضائيات القبلية التي تستضيف فردا أو مجموعة أو تحضر مناسبات فردية أو قبلية وتبثها على قنواتها دون مراعاة لقيم وعادات وموروثات القبائل الأخرى، منها من وصل به الحال لأن ينال من هذه أو تلك القبيلة شعرا أو نثرا، تلته ثلة من بعض الكتاب أو المؤلفين الذين يتم استقطابهم، ومنهم أحيانا أسماء مشهورة أو حتى من داخل القبيلة ممن لديهم الميول الكتابية ليكتب في التأريخ القبلي بعيدا عن المصداقية أو المنهجية العلمية في التأليف. مشيرا إلى ما وصفه ب"معاناة الكثير من مجتمعنا" مع مؤلفين معروفين تطرقوا إلى أنساب أو تاريخ قبلي، وتسبب في ردود أفعال واسعة، الأمر الذي يؤثر على النسيج العائلي أو الاجتماعي، وأنه اكتشف أن كل ما يكتب عن القبائل "مهايطة تاريخية" وليس لها جذور ولا مصداقية، ولا تتمتع بأدنى مرجعية تاريخية، على حد قوله، وأن هذه الظاهرة اُبتليت بها المجتمعات ذات الطابع البدوي، أكثر من المجتمعات ذات الطبيعة الاستقرارية في القرى والمدن.
هوى النفس يستشهد المستشار بدارة الملك عبدالعزيز، الدكتور سعد بن عثمان على ما ذكره الخثعمي وآل زلفة ببعض ما ورد في أحد الكتب المعروفة وهو كتاب "عسير قبل الحرب العالية الأولى"، الذي ألفه الرحالة البريطاني "كيناهان كورنواليس" قائلا: الكتاب جيد وهو من المراجع المهمة عن تاريخ المنطقة، لكنه يحتوي على العديد من الأخطاء والمغالطات التي أعتقد أنها من صنع بعض الأشخاص الذين أعطوا المؤلف معلومات تمجد أنفسهم أو قراهم أو قبائلهم وتنتقص من حق غيرهم، وهذا موجود في أكثر من مرجع عن تاريخ منطقة عسير وغيرها، ولا شك أن بعض المعلومات غير الدقيقة الموجودة في مثل هذه الكتب يتم تداولها والتركيز عليها من قبل بعض من في نفسه هوى".
جهات متخصصة رد المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة والإعلان هاني الغفيلي، على أسئلة "الوطن"، حول الآلية التي يتم من خلالها اعتماد فسح مثل هذه الكتب التي تتعرض للشأن القبلي، وهل هناك معايير معينة لمثل هذه النوعية من المؤلفات؟ بقوله "نعم هذه الأمور في غاية الأهمية، أقصد الكتب التي تتطرق للقبائل والأنساب، فهي تخضع لإجراءات تابعة لجهات متخصصة بهذا الشأن، وتتحقق منها، وهناك لجان ذات دراية واسعة".
دوافع التأليف القبلي روح العصبية القبلية محاولة بعض القبائل دفع الضرر عنها التأليف عن أفراد من أسرهم مقابل مبالغ مادية ظهور بعض المؤلفات متدنية المحتوى عن القبائل