طالب باحث النسابة والمؤرخ فائز البدراني الجهات التعليمية كافة بإدخال علم الأنساب في مناهجها الدراسية، معللاً ذلك بأن إحجامها عن تدريس هذا العلم خلال الفترات الماضية أوجد ثغرة كبيرة أدت إلى تخبط طاول المنتمين إلى المجتمع السعودي، «الذي يجهل كثير منهم أنسابهم». وكشف أن غياب مرجعية علمية للأنساب، إضافة إلى غياب المتخصصين في هذا العلم، ولّد معاناة تعصف بالراغبين في إضافة لقب القبيلة، أو تعديل اسم الأسرة الذين لا يجدون تجاوباً مع المنتمين إلى الأحوال المدنية، بحكم عدم الاختصاص. وقال البدراني ل «الحياة»: «هنا يقف المتقدم حائراً لعدم وجود الجهة المتخصصة أو اختصاصيين في علم الأنساب يبتون في شرعية طلبه، خصوصاً أن أسرة المتقدم ربما تنقسم إلى فريق مؤيد لانتسابه إليها، وآخر معارض ما يجبر الجهة المتقدم لها على إحالة طلبه إلى دوائر الفتوى الشرعية، التي رأت أخيراً أن يحال الموضوع إلى المحاكم الشرعية التي لم تتمكن هي الأخرى من إنهاء هذه المشكلة التي لا تزال قائمة حتى الآن، في ظل غياب مرجعية متخصصة، يفترض أن تضم اختصاصيين في علم الأنساب، يستطيعون البت في مثل هذه المواضيع الشائكة». وتكهّن البدراني بخلو الجهات الرقابية في وزارة الإعلام من اختصاصيين يبتّون في ما تحمله كتب الأنساب من معلومات بعين الفاحص المتخصص، مستدلاً على ذلك بتفشي ظاهرة كتّاب النسب أخيراً، والتي عزاها إلى غياب المرجعية المتخصصة التي تشرف على كل ما يكتب حول النسب وتمحّصه جيداً من واقع دراية علمية. وهاجم البدراني كتّاب النسب الجدد، «الذين تفتقر كتاباتهم إلى الموضوعية وتدخل فيها الارتجالية والعصبية القبلية والأهداف الشخصية، والبحث عن الشهرة، إذ يكتبون من دون دراية كاملة أو تخصص، بل إن كثيراً منهم يكتبون من دون الحصول على وثائق رسمية تؤكد ما يذهبون إليه في تلك الكتابات غير الدقيقة». واستثنى البدارني الكتب الصادرة من جهات أكاديمية كالجامعات والكليات المتخصصة. ورداً على تعالي أصوات طالبت بمنع الكتابة عن التاريخ القبلي في السعودية، بحجة إثارته للنعرات العصبية بين أبناء القبائل، قال البدراني: «أتفق مع ذلك الرأي، إذ يمكن أن يحدث مثل هذا في حال واحدة، عندما تساء كتابة التاريخ من أشخاص ليسوا مؤهلين لها، إذ إن تلك الكتابات لن تسيء إلى القبائل فقط بل ستطال إساءاتها الوطن بأسره، لأن الجاهل والمراهق يعملان على تمجيد الطرف الذي ينتميان اليه تمجيداً لا يقوم على موضوعية ولا يستند إلى منهج سليم موثوق، وهذا بالطبع يسيء إلى الأطراف الأخرى. ولكن عندما يكتب متخصصون ومؤهلون يمتلكون أدوات البحث الموثقة فلن يساء لأحد. نظراً إلى إحجام أولئك المحترفين عن الاستناد إلى الروايات الشفهية من العامة أو كبار السن، حتى لا يقعوا في مزالق خطرة تسيء لهم وللمكتوب عنهم وللمصدر أيضاً. فالجاهل لن يستطيع كتابة التاريخ، بل سيكتب له، كون البحث العلمي الموثق يعتبر جسراً متيناً يمكن عبوره لكتابة التاريخ بكل نجاح واقتدار، بعيداً عن مزالق الارتجالية وسطحية العصبية».