دفعت الخلافات بين نادي جدة الأدبي، وفرع جمعية الثقافة والفنون، من جهة، وما بين نادي المدينةالمنورة الأدبي، وفرع الجمعية بالمدينة، من جهة أخرى حول مبنى المقر، ملف مقرات فروع جمعية الثقافة والفنون في أنحاء المملكة، إلى واجهة ملفات الثقافة والفنون المتعثرة. وفيما كشف رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي، عن توجيه وزير الثقافة والإعلام بتشكيل لجنة من الجمعية، ووكالة الوزارة للشؤون الثقافية، لبحث هذا الموضوع، والعمل على إيجاد بدائل تزيح عن كاهل الجمعية عبء دفع الإيجارات، كشف مسح "الوطن" عن حجم العبء المالي الذي ظل على مدى عقود ناهزت الخمسة، ثمنا للإيجارات التي تدفعها الجمعية في معظم المناطق، مما أثار حفيظة عدد من مسؤولي ومنسوبي الجمعية، الذين تساءلوا: "ألم يكن الأجدى طيلة كل هذا العقود استثمار هذه المبالغ في بناء منشآت، وتوفير تلك المبالغ التي تجاوزت الملايين للصرف على النشاطات والفعاليات؟ خاصة أن بعض الفروع تملك أراضي، وبعضها موعود بتوفير أراض لها متى ما توفرت ميزانيات للبناء؟". مشاركة التجار والقطاع الخاص المدير العام للجمعية السابق الكاتب المسرحي عبدالعزيز السماعيل، الذي سبق له أن أدار فرع الجمعية أيضا في الدمام قبل إدارته العامة للجمعية، وعايش معاناة الإيجار، قال ل "الوطن": "أعتقد أن مشكلة مقرات الجمعية الآن، بعدما تبين بوضوح عدم توافر زيادة الدعم للجمعية بحاجة إلى مبادرة وتوجيه من إمارات المناطق لتوفير الدعم من التجار والشركات في القطاع الخاص لبناء المقرات على الأراضي الممنوحة لفروع الجمعية في مختلف المناطق. لا شك أن إمارات المناطق هي القادرة الآن على توفير الدعم، لأنها في النهاية لصالح النشاط الثقافي في المنطقة، فمثلا تجار جدة الذين يدعمون الجمعية ويريدون بقاءها في النادي القديم عليهم أن يتبرعوا ببناء مقر للجمعية على الأرض التي حصلت عليها". الإيجارات وأوضاع الفروع منذ تأسيس الجمعية العربية للثقافة والفنون عام 1973، لم تمتلك مقرا ثابتا، وظلت تتنقل من مبنى مستأجر إلى آخر، بما في ذلك المقر الرئيس للجمعية في الرياض. ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم، ظلت تدفع آلاف الريالات سنويا لمبان أغلبها سكنية في الأساس، ولم تصمم لتكون مقرا لأي مؤسسة ثقافية تقدم منتجا فنيا وثقافيا، ومع ذلك تكيف العاملون في فروع الجمعيات مع تلك البنايات السكنية، أو يخضعونها لتعديلات إنشائية، حتى يمكنهم الاستفادة منها. ويبلغ متوسط مبلغ الإيجار السنوي لكل فرع 100 ألف ريال تقريبا، فيما بلغت آخر ميزانية حددت لكل فرع منذ 3 سنوات ب50 ألف ريال، "فماذا تفعل هذه الخمسين لاحتواء الشباب وتقديم فعاليات لهم؟"، يتساءل مدير فرع الجمعية ببريدة عبدالله الزيد، وهو التساؤل نفسه الذي رفعه معظم مديري الفروع، متذمرين من الواقع الذي تعيشه فروع جمعية الثقافة والفنون، والذي لا يرونه متسقا أو متناغما مع رؤية 2030 على حد قولهم، ومنهم آخر مدير لفرع الجمعية بجازان عبدالرحمن موكلي الذي قدّم استقالته أخيرا.