فيما أرجعت روسيا إلغاء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي كان مقررا أول من أمس، لبحث الاتفاق بينها وبين الولاياتالمتحدة بشأن الهدنة في سورية إلى عدم رغبة واشنطن في إطلاع المجلس على تفاصيل الاتفاق، قال مراقبون إن موسكو تواصل الضغط على واشنطن للكشف عن تلك الاتفاقات التي يبدو أنها مجرد تفاهمات لا ترقى إلى اتفاقات بالمعنى المفهوم، مشيرين إلى أن روسيا تضغط من أجل هدف آخر، ألا وهو تقنين هذه التفاهمات في مجلس الأمن الدولي. ولم تستغرب أوساط سياسية ودبلوماسية أن يعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف أن اتفاق موسكووواشنطن حول سورية لا يشمل مصير الأسد أو العملية الانتقالية، وتأكيده على أنه لا توجد لدى موسكو أي خطط سرية لتسوية النزاع في سورية، وأن روسيا تبحث مع الأميركيين الكشف عن تفاصيل الاتفاق في مجلس الأمن الدولي. محادثات مع المعارضة إمعانا في الضغط على واشنطن، قال بوجدانوف إن موسكو تتوقع من الولاياتالمتحدة إجراء محادثات جدية مع المعارضة السورية المسلحة التي لا تريد الانضمام إلى نظام وقف القتال، مشيرا إلى أن بعض جماعات المعارضة قد أعلنت عن عدم التزامها بالهدنة، وبالتالي عن دعمها للإرهابيين في الواقع. ويجب التوصل إلى استنتاجات مناسبة بشأن تلك المنظمات". كما أوضح أن روسيا لن تطرح مسألة إضافة تنظيم "جبهة النصرة" إلى قائمة المنظمات الإرهابية بسبب تغيير تسميتها إلى "جبهة فتح الشام"، مؤكدا أن "الإرهابيين يبقون إرهابيين". وأضاف أن أي تصريحات صادرة عن "جبهة النصرة" حول تغيير تسميتها أو قطع علاقاتها مع تنظيم "القاعدة"، والتي لا تشمل تغييرات جذرية في الأهداف، والغايات، ليست سوى خطوة تكتيكية، مشيرا إلى أن "تغيير الواجهة في هذه الحالة لم يؤثر على الأعمال العدوانية للإرهابيين الذين يواصلون محاربة السلطات السورية الشرعية وشعبها". تعهدات قديمة كشف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن الأولوية الرئيسية في الاتفاقات الروسية - الأميركية حول سورية، تتمثل في تنفيذ الولاياتالمتحدة "تعهداتها القديمة بالفصل ما بين المعارضة السورية المتعاونة معها، و"جبهة النصرة" وأمثالها، وذلك إن لم تكن المماطلة في تنفيذ هذه الالتزامات نابعة من إرادة جهة معينة في واشنطن تحييد الضربة عن هؤلاء الإرهابيين". وقال لافروف إنه "فيما يتعلق بجبهة النصرة، فإنه لدينا الكثير من الشكوك الجدية بشأنها. لقد تسلمنا من الجانب الأميركي أخيرا قائمة تضم المنخرطين في اتفاق وقف إطلاق النار، الأمر الذي يحتم عدم استهدافهم، فيما يتصدر القائمة المذكورة "أحرار الشام". تردد أميركي أشار الوزير الروسي إلى أن قيادة فصيل "أحرار الشام" تحديدا قد رفضت تنفيذ الاتفاقات الروسية الأميركية، لأن هذه الاتفاقات ترمي إلى مكافحة جبهة النصرة، اتهم الولاياتالمتحدة بأنها قد ألحقت جزءا لا يتجزأ من جبهة النصرة بقائمة المعارضة المتعاونة معها. وإمعانا في الضغط على واشنطن، أوضح لافروف أن الولاياتالمتحدة مترددة في الإفصاح عن فحوى الاتفاقات الروسية - الأميركية حول سورية، فيما "نحن مستعدون لإطلاع الجميع عليها". وقال "إننا نسعى في الوقت الراهن إلى الإعلان عن فحوى هذه الاتفاقات، إذ لا نريد السير على طريق الدبلوماسية السرية". وانتقد الوزير الروسي ساخرا، تصرفات الولاياتالمتحدة بقوله إن "شركاءنا الأميركيين مترددون في الوقت الراهن في الإفصاح عن هذه الاتفاقات خلافا لما يعرف عنهم، وذلك نظرا لتمسكهم بالرؤى الديمقراطية لتسوية المشاكل، فيما الديمقراطية نفسها تحتم العلانية". صعوبة إصدار قرار نفى المندوب الروسي لدى مجلس الأمن فيتالي تشوركين، إمكانية إصدار قرار دولي يتضمن الاتفاق الروسي-الأميركي، معتبرا ذلك "عملا مستحيلا". وقال تشوركين "نعتقد أننا لا نستطيع أن نطلب من أعضاء مجلس الأمن أن يدعموا الوثائق التي لم يطلعوا عليها"، مشيرا إلى عدم وجود موقف موحد في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الاتفاق. على الجانب الآخر، قالت البعثة الأميركية في الأممالمتحدة إنها لم تستطع الاتفاق مع روسيا على طريقة لإطلاع المجلس على التفاصيل، مضيفة "والآن نركز على تنفيذ الاتفاق الذي توسط فيه وزيرا خارجية البلدين، ولا سيما الحاجة الماسة لوصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين يحتاجونها". مخاوف التقسيم أعربت مستشارة الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة مرح البقاعي ،عن مخاوفها من تقسيم البلاد ضمن الاتفاق الروسي الأميركي للهدنة في سورية، في ظل خلاف الطرفين على إعلان تفاصيله. وقالت البقاعي إن هناك تفاصيل للاتفاق لا تريد وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" أن تخرج إلى التداول، معربة عن استغرابها من عدم وصول تفاصيل الاتفاق إلى هيئة المفاوضات المعنية بالحل السياسي في البلاد. وحول الإصرار الروسي على كشف التفاصيل مقابل الرفض الأميركي لذلك، قالت مستشارة المعارضة إن ذلك مجرد مناورة بين موسكووواشنطن بحيث يرمي كل طرف الكرة بملعب الآخر.