اتهمت روسياالولاياتالمتحدة أمس (الجمعة)، برفض تقاسم وثائق متعلقة بالاتفاق الأميركي الروسي حول وقف الأعمال القتالية في سورية مع مجلس الأمن. وجاءت التصريحات الروسية بعد ساعات على إلغاء مجلس الأمن اجتماعاً كان يفترض أن يناقش خلاله السفراء في جلسة مغلقة إمكان دعم الاتفاق الروسي الأميركي. وأُلغي الاجتماع بطلب من روسياوالولاياتالمتحدة. وقالت روسيا إنه من غير المحتمل على ما يبدو أن يوافق مجلس الأمن على اتفاق بين موسكو وواشنطن لوقف إطلاق النار في سورية لأن الولاياتالمتحدة لا تريد إطلاع المجلس المؤلف من 15 عضواً على الوثائق التي توضح تفاصيل الاتفاق. وكان من المقرر أن يطلع سفيرا روسياوالولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين وسمانثا باور، مجلس الأمن على تفاصيل الاتفاق خلال جلسة مغلقة أمس، لكن الاجتماع أُلغي في الدقيقة الأخيرة. وأشارت بعثة نيوزيلاندا التي تترأس المجلس الشهر الجاري إلى أنه «بناء على طلب من الولاياتالمتحدةوروسيا، ألغت رئاسة المجلس المشاورات». وقال تشوركين "إن المجلس لا يستطيع دعم الاتفاق بإصدار قرار ما لم يتلق المعلومات اللازمة حول مضمون الاتفاق"، مضيفاً "لن يكون هناك على الأرجح قرار لمجلس الأمن. نعتقد انه لا يمكننا أن نطلب منهم دعم وثيقة لم يطّلعوا عليها". وأشار إلى عدم وجود موقف موحد في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال الاتفاق. وقالت البعثة الأميركية في الأممالمتحدة أنها لم تستطع الاتفاق مع روسيا على طريقة لإطلاع المجلس على التفاصيل لا تعرّض أمن تنفيذ الترتيب للخطر». وأضافت البعثة: «نركز الآن على تنفيذ الاتفاق الذي توسط فيه وزيرا الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف، وخصوصاً بالنسبة للحاجة الماسة إلى وصول المساعدات الإنسانية للسوريين». ويهدف الاتفاق الذي تم الوصول إليه السبت الماضي، إلى إعادة عملية السلام في سورية إلى مسارها. ويشمل هدنة عامة بدأت مع غروب شمس الإثنين، وتحسين عملية وصول المساعدات الإنسانية والاستهداف العسكري المشترك للجماعات الإسلامية المحظورة. وتوصل لافروف وكيري إلى اتفاق بشأن خمس وثائق قالا إنها لن تُنشر علانية، لكن فرنسا دعت أول من أمس الولاياتالمتحدة إلى تقاسم تفاصيل الاتفاق. وأوضح تشوركين ان روسيا أعطت مسودتين لقرار محتمل من مجلس الأمن للولايات المتحدة. وقال أول من أمس إن موسكو تأمل في إمكان الموافقة على مشروع قرار هذا الأسبوع خلال التجمع السنوي لزعماء العالم في الأممالمتحدة. وأضاف تشوركين، في إشارة إلى المسؤولين الأميركيين «إنهم بطريقتهم النمطية تقدموا بشيء مختلف تماماً يحاول تفسير وإعادة تفسير الاتفاق». وستضيف موافقة مجلس الأمن ثقلاً سياسياً للاتفاق، لكن لن يكون لها تبعات على الأرض. وقالت الولاياتالمتحدةوروسيا أمس إنهما تريدان تمديد وقف إطلاق النار الذي يستمر أربعة أيام في سورية رغم أن الاتفاق يبدو هشاً على نحو متزايد وتقوضه أعمال العنف المتزايدة وعدم توصيل المساعدات. ميدانياً، شهدت سورية أمس تصعيداً عسكرياً هو الأخطر منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، ترافق مع تصعيد كلامي بين راعيَي الاتفاق الولاياتالمتحدةوروسيا وإلغاء مجلس الأمن الجلسة التي كانت مرتقبة بالأمس. ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سورية مساء الإثنين الماضي، وجرى تمديدها 48 ساعة إضافية حتى مساء أمس. وأعلنت روسيا استعدادها تمديد العمل بها 72 ساعة إضافية. وعلى رغم أن المعارك توقفت بشكل كامل تقريباً منذ بدء سريان الهدنة بين قوات النظام والفصائل المعارضة على غالبية الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة، شهد صباح أمس التصعيد الأخطر، إذ دارت عند الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق وتحديداً عند محور جوبر أعنف اشتباكات منذ بدء سريانها، قبل أن تتراجع حدتها في وقت لاحق. وتسيطر على حي جوبر جبهة «فتح الشام» وفصيل «فيلق الرحمن» الإسلامي. وأفاد مصدر عسكري بأن الجيش السوري تصدى إلى هجوم للفصائل، ما أدى الى اشتباكات عنيفة وقصف صاروخي. و نقل التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري سوري اعتباره الاشتباكات «خرقاً» للهدنة. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «ثلاثة مقاتلين من الفصائل وأربعة عناصر من قوات النظام قُتلوا في الاشتباكات»، موضحاً ان مناطق عدة خاضعة لسيطرة فصائل معارضة ومتطرفة شمال البلاد تعرّضت لغارات جوية، خصوصاً في ريف حلب (شمال) الغربي وإدلب (شمال غرب). وأشار المرصد إلى أن غارات جوية استهدفت مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي أسفرت عن «مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفلان». والفصائل المعارضة موجودة في مناطق واسعة في ريف حلب الغربي، فيما يسيطر تحالف «جيش الفتح» على كامل محافظة إدلب، وهو عبارة عن فصائل إسلامية ومتطرفة على رأسها جبهة «فتح الشام». ويستثني الاتفاق الروسي الأميركي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) وجبهة «فتح الشام» اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد. وبموجب الاتفاق، تمتنع قوات النظام السوري عن شن أي أعمال قتالية في مناطق وجود «المعارضة المعتدلة» والتي ستحدد بدقة وتُفصل عن المناطق حيث تنتشر جبهة «فتح الشام». ويعد تحالف جبهة «فتح الشام» مع العديد من الفصائل الإسلامية والمقاتلة في مناطق عدة عائقاً أساسياً أمام تطبيق الاتفاق. وإذا صمد اتفاق وقف الأعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي إلى تعاون عسكري غير مسبوق بين موسكو وواشنطن ضد المتطرفين، لكن الدولتين تتبادلان منذ الخميس الماضي، التهم حول إعاقة تنفيذ الاتفاق. ولا تزال الشاحنات المحملة بالمساعدات تنتظر في منطقة عازلة عند الحدود السورية التركية للتوجه إلى الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب. ويفترض أن تمر الشاحنات عبر طريق "الكاستيلو"، التي تشكل خط الإمداد الرئيس إلى الأحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ أسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة حيث يعيش 250 ألف شخص. وينص الاتفاق على تحويل طريق "الكاستيلو" إلى منطقة خالية من السلاح. وأوضحت موسكو ان الجيش السوري كان بدأ الخميس الماضي، الانسحاب من الطريق لكنه اضطُر إلى العودة إليه لعدم انسحاب الفصائل المعارضة.