أهدت صديقة إلى صديقتها خاتماً شكله ولونه كالذهب، فذهبت به إلى الصائغ كي تتأكد من هذا الخاتم، فأخبرها أنه ذهب، اطمأنت وبعدها طلبت منه أن يثمنه لها، فوزنه وقدره وعلى حسب السعر كبرت قيمة الهدية في عينيها وبالتالي من أحضرها، هي تحب الذهب فأحبت من جلبه لها، وقد يقيس البعض مكانته في قلب المهدي من خلال ما أهدى، غيرها ستحب الألماس وستكون قيمته عندها أثمن وقيمة من أهداه، هكذا يقدر الأشخاص الأشياء بحسب أهميتها لهم، القيمة هي: درجة الأهمية النسبية، فمثلاً الماء مهدر وهو هبة رب السماء. وأقل أهمية منه الكهرباء، وأيضاً في حالة وجودها لا نعيرها أهمية إلا حين انقطاعها، وكذلك العقول البشرية نعمة، ولها قيمتها بحسب إنجاز مالكها، لكن إن صادفنا شخصا فاقد العقل عرفنا قيمة الإدراك، وإن نظرنا حولنا وجدنا الكثير والكثير، ولربما لم نولها تلك الأهمية لأننا نظنها دائمة أو من الصعب فقدها، والشيء أيضاً ينسحب على الأشخاص، فقدان أحدهم قد يكون فاجعة بالنسبة لنا، فقيمته زادت بخسارته وفقده. هل يجب أن نخسر لنقدر! هل يجب أن يُذكر لنا على الدوام أن هذا الشيء ذو نفع لنا وثمين لنجعله ذا قيمة، أم يجب أن نخسره لندرك فاجعة الفقد! الأمن والأمان نعمتان تستحقان أن نجعلهما في أعلى درجات اهتمامنا، وأن نرعاهما ودائماً نستشعر مكانتهما، وأن نحافظ عليهما فدروس الحياة كثيرة ومجانية تقدمها لنا فيجب ألا ندفع الثمن بدروس نقدمها لغيرنا، وليكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب أعيننا: (من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، فقد قدم عليه الصلاة والسلام نعمة الأمن على العافية، والأمن من أعظم نعم الله على عباده بعد نعمة الإيمان والإسلام، ولا يشعر بهذه النعمة إلا من فقدها، والحفاظ عليه مسؤولية يتحملها الجميع، والجميع مسؤول عنها في حال خسارتها جماعات وأفرادا، فلا ننظر إلى ما هو أقل قيمة، ونغض الطرف عمن هو يستحق النظر إليه بإجلال، وبالتالي شكر الواهب على هباته سبحانه وتعالى، فهذه من أعظم ما يتم به الحفاظ على النعم كيلا تزول، ليس الهدية بقيمتها المادية، وليست العطايا بكبر حجمها، إنما هي مسألة نسبية لا يمكن أعطاء مقياس دقيق لمدى أهمية ما نملكه وما امتلكناه، بل ننظر إليه على أنه شيء حظينا به ومن واجبنا الحفاظ عليه.