تنتشر في مجتمعنا عبارة شعبية لوصف بعض الأشخاص وهي: «ماله خاتمة»، واستخدمت النساء هذه العبارة في وصف الرجال أكثر من استخدام الرجال لها لوصف المرأة، كما استخدمها الرجال أنفسهم لوصف رجال آخرين بهذه الصفة، بينما يندر أن تستخدم النساء هذا الوصف لوصف بعضهن. «ماله خاتمة».. عبارة تبرز على الوجوه قبل الشفاه، تحمل معاني الحسرة أحياناً، والإحباط أحياناً أخرى، وإنهيار العلاقات في كثير من الأحايين، نفقد الكثير من الأشخاص الذين حسبنا أنهم أصدقاء حميمون، ومتناغمون معهم في كل الظروف الجيدة والسيئة، المتألقة والمتردية، الفرحة والحزينة، فإذا بنا نصدم أنهم «قليلوا خاتمة»، أي بمعنى واضح لايستحقون الاهتمام، ولا الحب، وبالتالي يكون الاحتفاظ بهم شكلاً من أشكال العبث. من خلال هذا التحقيق، نحاول الإجابة على عدد من التساؤلات وهي: ما تعريفك لمعنى ماله خاتمة؟، وعلى من تطلق هذه الصفة أكثر الرجال أم النساء؟، وهل صادفت مواقف مع أشخاص مالهم خاتمة؟، وما هي الطرق الأفضل للتعامل معهم؟. وعود كاذبة يقول «بقيش بن هلال» -مهندس كيميائي-: إن تعريف ماله خاتمة هو في اللغة الشخص الذي يختم وعده بكذب، وتعريفه في الشرع هو الشخص الذي تتساوى عنده المعايير المزدوجة في شخصيته سلباً أو إيجاباً، بمعنى أنه الشخص من الجنسين الذي إذا وعد أخلف، وإذا حدَّث كذب، وإذا أؤتمن خان، أو هو الذي يقول بلسانه ما ليس في قلبه. ننظر لبعض الأشخاص على أنهم صفة من «النقاء» لنفاجأ بجحودهم تغلب على وفائهم وقالت «منال الدباغ» - مصورة -: بنظري اللي ماله خاتمة هو من يسئ لنفسه ولغيره، مضيفةً أن الرجل الذي لا يحفظ الأمانة وينافق ويخون هو مثال صريح على ذلك. أنانية ولامبالاة وفندت «سحر العيون» معنى ما له خاتمة، بأنه الشخص الذي لا وجود للإنسانية في قلبه من حب وعطف وحنان وطيب، بل وتجده يستمتع بالانانية واللامبالاة والاتكال، وهو من يبيح لنفسه النذالة والاحتقار والتسلط. وقالت «فخر بندر» -كاتبة-: إن الذي ماله خاتمة هو من يذم لقمة عيش أغنته أن ينام مطوي البطن. وتوضح «شرعاء القحطاني» أن صفة «ماله خاتمة» تطلق مثلاً على شخص له صديق ثم يتركه بدون سبب ولا اتصال ولا معايدة، بل حتى ولا سؤال، مضيفةً أنها تُطلق أيضاً على الرجل الذي يطلق زوجته بدون سبب، على الرغم من أن بينهم عشرة عمر طويلة، وكذلك الشخص الذي يحصل على هدايا من تاجر وعندما يفلس التاجر لا يسأل عنه هذا في نفس التصنيف. يعيش ويعتاش وقال «فوزي القبوري»: هو الرجل الذي يستطيع التكيف وفق الظروف والمتغيرات، بمعنى أدق هو الرجل الذي يعيش و»يعتاش» في هذا الوقت. وأوضح «فهد الراجحي» أن عبارة ماله خاتمة هي بنظري جملة شعبية بحتة تتداول بشكل كبير في مجتمعنا الخليجي، ولها عدة معاني ومدلولات، وقد نتفق جميعاً أنها ذات مغزى سلبي، فقد تعني منكر الجميل، وكذلك قد تعني شخصاً لا يقدّر المعروف ولا يكترث له على الإطلاق، وغالباً تطلق على من يتصف بنكران المعروف الممزوج بشيء من الأنانية. وقال «خالد العنزي»: أعتقد أن الكلمة هي اختراع نسائي (100%)؛ لأنهن «شكايات» و»بكايات»، ومهما نفعل لا يبين بعيونهن، وإن حصل وكذب الرجل على زوجته غالباً يكون لاتقاء شرها وتسلطها عليه. عينة فارغة وقد اختلف الرجال والنساء حول من تطلق عليهم هذه الصفة أكثر الرجال أوالنساء، حيث قالت «شرعاء»: أعتقد أن الرجال قليلو الخاتمة أكثر من النساء. أما الأستاذة «روضة يوسف» فأضافت: «في هذا الزمن تكون قلة الخاتمة من النساء أكثر من الرجال وخاصةً الصديقات». وتحدثت «جينا دباغ» قائلةً: الرجال ما لهم خاتمة، وهم أكثر من النساء، مضيفةً أن صفة قليل الخاتمة تأتي كطبع في الشخص، ومن مواصفاته أن عينه فارغة ومنافق. وترى الاعلامية «وفاء بكر يونس» أنه يجب تجنب الذي ما له خاتمة، وقد يمكن مجاملته، ولكن لا يعتمد عليه أبداً، مضيفةً أن من يتصف بهذه الصفة هو شخص قليلٌ أمنه، وعديم الثقة، وغير مخلص، وأوصافه كثيرة، مشيرةً إلى أن البعد عنه أسلم وأحسن. إمرأة مصدومة من قلة خاتمة زوجها تعامل متعب وأضافت «شرعاء»: «الرجل قليل الخاتمة يُعرف من خلال سذاجته، وإن عملت فيه خيراً فهو لا يشعر به أو يقدره، كما أن التعامل معهم متعب، والكلام الحلو خسارة فيهم». ويعلو صوت «البتول آل جري» ضد بنات جنسها قائلةً: هذه عبارة اختلقتها المرأة المتسلطة، لتصف بها الرجل، ومع الأسف أن بعض النساء إذا ما توفر لهن مطالبهن، يرين أن الرجل غير وفي، وفي المقابل اذا طلبته شيئاً وهو غير قادر على تنفيذه قالت عنه: ماله خاتمة، وحتى لو فكر الرجل في الزواج من زوجة أخرى يجد منها الاهتمام والرعاية قالت عنه: ماله خاتمة، ومع ذلك هو يتحمل إهمالها له. خيانة وغدر وتنفي «أفراح المطيري» قصر هذه الصفة على الرجال، وتقول: هذه الصفة لا تقتصر على الرجال، حيث قد تتفاجأ المرأة بصديقتها التي تقبل الزواج من زوجها والتي أخبرتها سابقاً بمشاكلها الأسرية معه، مضيفةً أن العامل قد يخون صاحبه في المحل ويسرقه بعد أن يأمنه على كل شيء، والخادمة قد تغدر بصاحبة المنزل الطيبة معها، وهنا لا نستطيع تحديد من أكثر من يطلق عليه هذه الصفة؛ لأنها صفة لا جنس لها. ويرى «عبد الله فهاد» أن الذي ماله خاتمة هو الرجل الذي تعمل له خيراً ويرده لك بالشر. ويوضح «عبدالعزيز الحميدي» أن صفة ماله خاتمة توجد لدى الرجال بنسبة (60%)، والنساء بنسبة (40%). تربية وأنانية وتذهب «مي السديري» إلى تفسير أعمق لواقع نشأة هذا المصطلح وأسبابه في المجتمع، وتداعيات مثل هذه الصفة وانتشارها، حيث تقول: كثير ما نصادف مثل هؤلاء الأشخاص، وأعتقد أن من أسباب انتشار هذه الصفة يرجع إلى التربية والأنانية والفردية التي تعم مجتمعاتنا، مضيفةً أن القيم ضاعت والنفاق زاد، وأصبح تقييمنا للأشخاص يعتمد على الماديات، وكلنا مسؤولون عن هذا الوضع، مشيرةً إلى أن انتشارالفساد والرشوة جعلت الفرد المحترم في مجتمعه غريباً، ذاكرةً أنه في عصور الجاهلية كان العربي به من الصفات الأخلاقية ما يدهش من كرم وضيافة وشجاعة ومروءة ووفاء، ولما أتى الإسلام أصلح السلوك الباقي، مبينةً أنه في الوقت الحاضر انتشرت النميمة والتفاخر، وأصبحت المظاهر هي السائدة، ولو قارنا أنفسنا بالغرب، نجد أن سلوكهم الاجتماعي أفضل منا وأصدق وأوفى، واذا وعد الشخص منهم صدق، أما نحن أبناء الحداثة بالشكل فقط، ففي داخلنا البغضاء والكراهية، وتحطيم كل ما هو جميل، وحتى أداء الواجب الاجتماعي نقوم به لأننا نحب الاستطلاع ولكي نمثل أننا الأفضل. نسي الوفاء وتذكر «شرعاء» قصة وقعت لصديقتها وتقول: صديقتي تزوجت رجلا من هذه النوعية، وإذا قالت له عيالك يحتاجون إلى بعض الأغراض، يتكاثرعليها ويرفض ويقول العبارة: «القِدر ما يستوي إلا على ثلاث حجر»، وقصده يتزوج عليها، وفي يوم من الأيام تزوج عليها بالثانية وبعد فترة تزوج الثالثة، وفي كل مرة يكرر مقولته: «القِدر ما يستوي إلا على ثلاث حجر»، مضيفةً أنه نسي الوفاء والإخلاص وصبرها على جهله وتفاهته المستمرة من إهمال وجفاف للمشاعر. وقال»عبد العزيز الحميدي»: إن أحد الأصدقاء طلب مني مبلغاً مالياً، وقمت بتسليمه له خلال ساعة تقريباً، وعاهدني بأن يرجع المبلغ بعد شهر واحد، والآن له تقريباً عامين ونصف لم يرجع المبلغ، بل ولا يرد على اتصالاتي!. ساعدته فجحدني وتسرد «أم بدر» قصة وتقول: كان هناك شاب صديق لابني، لا يوجد لديه ما يأكله ويشربه، فأخبرني عن حاله، وهل باستطاعتي مساعدته، وفعلاً بحثت له عن وظيفة، بل واهديته سيارة، وأصبح يزورنا كثيراً، فأخبرني أن وضعه تحسن ويريد ابنة حلال ليكمل نصف دينه، فقلت له: من الغد سوف أبحث لك عن بنت حلال، فقال: لا يا خالة أنا طامع أقرب منكم أكثر، وأريد تكملة المعروف وتعطيني واحدة من بناتك، وبالفعل زوّجته وأسكنتهم في شقة في الدور العلوي، مضيفةً: «مرت السنين، وأصبح تاجراً معروفاً في السوق، وطلق بنتي، وتزوج شقيقة صديقه التاجر، طمعاً بالحصول على المال أكثر فأكثر!».