بينما دعت جامعة الدول العربية، أخيرا، إلى الاعتراف بحكومة الوفاق الليبية، مشددة في الوقت نفسه على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، تشكّل المصالحة في مناطق النزاع بين القوى السياسية والاجتماعية المتنوعة، موضوعا متشعبا تختلف فيه وجهات النظر والمواقف بين رافض للحوار ومؤيد له من باب طي صفحات الماضي والعمل على تحسين وضع البلاد، بعيدا عن سيناريو تقسيمها. وعملت الأطراف الليبية، خلال الفترة الأخيرة، على عقد لقاءات داعية لمصالحة وطنية شاملة دون إقصاء أو تنافر تسعى خلاله هذا الأطراف إلى دفع العملية السياسية في ليبيا نحو الأفضل. وقال رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، إن "الإقصاء مرفوض مهما كانت مبرراته، وإن المصالحة ركن أساسي من البرنامج السياسي للمجلس ومشروعه الوطني ضمن مثلث يشمل الأمن والتنمية، مشددا على وحدة ليبيا واستبعاد سيناريو التدخل الأجنبي ومحاولة جر البلاد إلى حرب جديدة". وأشار السراج إلى حوارات أجراها في ليبيا وتونس مع ممثلي الشرق والغرب دون إقصاء، ومن بينهم رؤساء القبائل الليبية وممثلو المدن والبلديات ورموز من نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وفي مقابل الرفض الداخلي لحكومة الوفاق الليبية يعمل رئيسها فايز السراج، على تثبيت شرعية حكومته خارجيا من خلال السعي إلى كسب المزيد من التأييد من القوى السياسية والاجتماعية بما فيها المعارضة لاتفاق الصخيرات الذي انبثقت منه حكومة الوفاق، وتشمل جهوده المحسوبين أيضا على النظام السابق بقيادة الراحل معمر القذافي. هيئة مستقلة اتفق المجتمعون في مؤتمر المصالحة الليبي الثاني، الذي عقد في الدوحة خلال الشهر الجاري، على تأسيس "هيئة مستقلة للمصالحة الوطنية" والبدء في برامج عودة اللاجئين ومعالجة أوضاع السجناء السياسيين، تأكيدا لأهمية المصالحة الوطنية بين أطياف المجتمع الليبي كافة. ودعا بيان صادر عن مؤتمر المصالحة، إلى إيقاف كل الحملات الإعلامية الداعية إلى التحريض والكراهية مع وجوب تحقيق مصالحة وطنية عادلة بين أطراف المجتمع الليبي في الداخل والخارج دون تمييز أو إقصاء لنبذ العنف والتطرف وخلق جبهة وطنية قوية ومتماسكة، بما يعزز قيم التسامح والعفو ولم الشمل. وشارك في مؤتمر المصالحة الليبي الذي استمر يومين، أكثر من 100 شخصية تمثل القبائل الليبية الموزعة شمالا وجنوبا وغربا وشرقا بمن فيهم شخصيات محسوبة على النظام السابق جاءت من خارج ليبيا. وسعت القبائل الليبية خلال المؤتمر، إلى توحيد صفوف الليبيين باعتبار أن الأزمة ليست سياسية بقدر ما هي صراع إيديولوجي قبلي. وطالب المشاركون في المؤتمر، جميع الليبيين، بإيقاف جميع أشكال الاعتقالات، مشيرين إلى دور القبيلة والأعراف الاجتماعية في حماية السلم الاجتماعي ولم الشمل عبر تقديم تنازلات من مختلف الأطراف لتحقيق المصالحة الكاملة. وفي السياق ذاته، تبنت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري، رعاية مبادرة إجراء مصالحة على الأراضي الليبية، في محاولة للحفاظ على أمن دول الجوار وتحقيق التوافق بين مواطني ليبيا، إلى جانب ملفات إعادة إعمار البلاد وتوفير الرعاية الصحية والتعليم. وطن لجميع الليبيين طالب المسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبي، منسق العلاقات المصرية الليبية السابق، أحمد قذاف الدم، بالإفراج عن المسجونين وبناء وطن لكل الليبيين دون إقصاء أحد، وتشكيل حكومة محايدة لحقن دماء المواطنين، وتوحيد الصفوف بين الأطياف السياسية المتنوعة. وأشار إلى أن الليبيين أمام مفترق طرق تاريخي لإنقاذ ما يجب إنقاذه في البلاد عبر الصلح والتصالح والتشارك، بعيدا عن الإقصاء الذي لن يزيد الوضع إلا تأزما، وبخاصة أن ليبيا تعاني الآن من تغلغل تنظيم داعش.