أكتب هذا المقال وأنا أتصفح مجلة دورية شهرية لوزارة حكومية فاخرة الورق، حافلة بألوان زاهية ومكتظة بصور "صورني وكأني ما أدري" لبعض مسؤوليها وكلمات مكررة لا تُسمن ولا تغني من جوع، فالكلمة الفصل يراها المواطن في ميادين مدينته كشاهد على عمل، أكاد أجزم بأن من قام بإعدادها لم يحاول قراءاتها، هي مجرد روتين عمل بيروقراطي وعادة ظلّت صامدة أمام ثورة التقنية والمعلومات، وفي الجهة المقابلة ما هي الإنجازات العظيمة التي ستولد خلال شهر واحد فقط لتستحق أن توثّق عبر مطبوعة؟! وللإنصاف قد تكون تلك المطبوعات فيما مضى ذات جدوى في إبراز منجزات جهة حكومية ما، على الرغم من تحفظي على الفكرة لأن المستهدف موظف حكومي آخر وليس المواطن، الآن جرافيك وحيد باستطاعته إيضاح الخطة الخمسية لوزارة بأكملها! وتكلفة توثيق حساب تويتر لتلك المنشأة سيصبح أفضل فائدة ونفعاً وانتشاراً وإبرازاً لتلك الجهود المبذولة، ولن أشي بسرّ يعلمه الموظفون الحكوميون فقط عن مآلات تلك المجلات الدورية المكررة في نهاية المطاف، ما يهمّنا جميعاً هو التكاليف الباهظة المهدرة عبثاً في جيوب دور الطباعة والنشر التي تقتات على تلك المطبوعات التي تقطع المسافات عبر مناطق وطننا الكبير بين الوزارات والجهات الحكومية والاتصالات الإدارية في كل جهة حكومية تعلم جيّداً حجم تلك المطبوعات ومآلاتها المأساوية. لا أعلم لماذا يُخيّل إلي بأن حال استمرار إصدار المجلات الدورية الحكومية كحال أنبوب ماء تتسرب منه المياه في منزل غادر صاحبه في إجازة طويلة.