حكاية الأحزان المستمرة والمتتابعة ترويها دماء زكية ارتوت منها الطرقات، آلام وأحزان، زفرات أسر مجروحة، وأفئدة مزقها الألم والفراق، أسر بأكملها تناثرت أشلاؤها على جنبات الطرقات، موتى الحوادث المرورية أصبحت شبحا يطاردنا في يقظتنا ومنامنا، حتى أصبحنا نتصدر العالم في عدد ضحايا الحوادث المرورية، ففي اليوم الواحد يسجل 17 ضحية بمعدل ضحية كل 40 دقيقة، بينما بلغ عدد المصابين نتيجة الحوادث المرورية 68 ألف إصابة سنويا، أما الخسائر المادية فتفوق 13 مليار ريال سنويا. ناقوس خطر يهددنا صباح مساء على أيدي شباب متهورين، فأضحوا ضحية بين ركام الحديد بعد أن سفكوا دماء غيرهم من الأبرياء، فيتموا الأطفال ورملوا النساء وأحدثوا قلقا مجتمعيا وهدرا اقتصاديا، فهل أصبح الحل مستحيلا لحقن هذه الدماء؟ وهل باتت الأرواح رخيصة ومناظر الأشلاء على الطرقات وبرك الدماء أمرا معتادا؟ لذا.. حُق لنا أن نتساءل إذا كانت السرعة محددة في أقصى حالاتها ب140 كلم في الساعة على أفضل طرقاتنا وأوسعها، فلماذا ما زلنا نصر على استيراد سيارات بسرعة نفاثات طائرة بسرعة 280 كلم في الساعة؟ سيارات كرتونية ونهم التجاري وإهمال اشتراطات السلامة دون رقيب ولا حسيب، والثمن يدفعه شبابنا من دمائهم وأرواحهم، ووزارة التجارة لم تسجل موقفا من هذا. نحن بحاجة ماسة للأخذ بحزم على أيدي العابثين على طرقاتنا والمستهترين بأرواحهم وأرواح الآخرين، نحن نعيش إرهابا مروريا أقض المضاجع وأرق الجفون، وباتت الحاجة ملحة لتضافر الجهود الإعلامية والتوعوية والحزم الأمني، بتغليظ العقوبات على المستهترين بالأرواح والرقابة التجارية، ففي ظل برك الدماء وتناثر الأشلاء وإزهاق الأرواح والهدر الاقتصادي الكبير، آن لنا أن نجعل من فكرة ساهر فكرة رقابية شاملة لجميع طرقاتنا، عبر الأقمار الصناعية والرصد الفضائي، لعلها تضع حلا لهذا الشبح الجاثم على طرقاتنا، المقتات على دمائنا.