تزامنت أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في نادي الرياض الأدبي مع زيارة للرئيس الفنزويلي الراحل هوجوتشافيز للعاصمة السعودية الرياض، ذات عام، وفي المداخلات التي أعقبت الأمسية، سمح رئيس نادي الرياض حينها الدكتور عبدالله الوشمي، لأحدى الشخصيات المشهورة في الوسط الثقافي في الرياض بخروجها المتكرر عن نص المناسبة، بالصعود للمنبر للمداخلة وكان ممنوعا من المداخلات لشطحاته، ولما صعد قال: "الرياض مبتهجة اليوم بوجود قاسم حداد والرئيس الفنزولي تشافيز"، فضجت القاعة بالقهقهات. المشهد يلخص واقع "المداخلات" في الأمسيات والمناسبات الثقافية، وهي تلك التعليقات التي لا تخلو من بعض السلبيات، مثلما لا يخلو بعضها من الطرافة، أو الركاكة، أو الإزعاج لمنظمي تلك المناسبات. ويلجأ بعض المسؤولين تجنبا للحرج إلى اشتراط المداخلات المكتوبة ورقيا، وهو الأمر الذي لا يحبذه البعض آخر، ويعتبره قمعا لحرية التعبير ونوعا من الوصاية على الحاضرين والمتلقين. فيما قال آخرون إن معدلات النضج في المداخلات وصلت إلى مستويات طيبة مع تراجع المتطفلين من أولئك الذين تستبد بهم شهوة الحديث أمام "المايك".
الاحتقان النفسي والاستفزازات كثير من المداخلات في الأمسيات تكون مزعجة، خصوصا بالنسبة لنا في منطقة متعددة التنوع الفكري كالأحساء، لكن الموقع الذي أنا فيه كرئيس ناد يحتم علي أن أستوعب الجميع، وأحاول قدر الإمكان ألا أستفز المعلق/ المداخل، فذلك جزء من الحوار الثقافي، والمتداخل عادة ربما يكون مشحونا، وأنت لا تستطيع أن تواجهه في نفس اللحظة، لا بد أن يكون صدرك رحبا، فالأندية الأدبية منابر مفتوحة، تسع كل الآراء المختلفة. ومن واقع تجربة في عملي بنادي الأحساء أرى أن المثقفين بدؤوا في الآونة الأخيرة ماهية الحوار والاختلاف، ولم نعد نرى استفزازات منبرية خلال التعليقات والمداخلات، بعد أن كانت المداخلات في سنوات مضت في النادر القليل ما تقدم ما يثري ويضيف، إذ كان بعض المتحدثين يظن نفسه حارسا للفضيلة، أو أنه يكون محملا بترسبات في قضية معينة، ولم يجد مكانا يفضفض فيه سوى منبر النادي، فلذلك تجده محتقنا، ومثل هذا ينبغي عدم مجاراته، بل الإصغاء إليه بهدوء، ومن ثم يمكن الحديث إليه خارج المنبر، بعد أن يكون قد أفرغ الشحنة النفسية التي احتقن بها قبل صعوده إلى المنبر. ظافري الشهري رئيس نادي الأحساء الأدبي
محددات المداخلة الإيجابية • فهم فكرة المحاضرة أو الأطروحة المقدمة وعدم الخروج عن إطارها الموضوعي • التركيز على جزئية محددة • مراعاة الوقت والالتزام بالتوقيت المحدد للمداخلة • عدم التشعب في قضايا وأفكار أخرى غير المطروحة في المنبر • إثراء الموضوع والإضافة إليه • إثارة أسئلة جوهرية لها صلة بالموضوع • التلقائية وعدم التكلف أو التقعر أربعة أصناف تحدد المتداخلين من خلال احتكاكي بالنشاط الثقافي على مدى قرابة 3 عقود، وعبر إدارتي لفرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، لاحظت أن المجتمع الثقافي في السعودية يمكن تقسيمه إلى 4 أصناف في مسالة المداخلات والتعليقات، الصنف الأول يتمثل في محبي الظهور والأضواء، وهؤلاء عددهم متوسط، ويتميزو بأنهم لا بد أن يعلقوا في كل مناسبة ويصعدوا المنبر، حتى إن لم يقولوا شيئا ذا صلة بموضوع اللقاء، المهم أن يصعد في حالة يمكن تشبيهها بالإدمان. الصنف الثاني هم المتطفلون الذين غالبا ما يكونون مصحوبين بعبارة "أنا لم أحضر مبكرا، ولم أستمع للمحاضر كثيرا، لكني أريد أن أقول ..."، وهذا الصنف يتقاطع مع الصنف الأول بشكل ما. الصنف الثالث هو المتمكن، الرصين الواثق فيما يقول والذي يعرف متى يطلب التعليق ومتى يتطلب الأمر صعوده للمنبر، وهذا وجوده يتفاوت عددا من مكان إلى مكان، وحسب طبيعة وموضوع الأمسية. أما الصنف الأخير فهو الذي يؤثر الصمت، رغم أن لديه ما يمكن أن يقوله، وما يمكن أن يكون إضافة، لكنه لا يحبذ الحديث والتعليق إلا في حالة الطلب منه، ودعوته بالاسم، وهؤلاء يمثلون أقلية جدا في الوسط الثقافي السعودي. عبدالله التعزي