تطغى القضية التي شهدها نادي الباحة الأدبي، واختتمت بإعفاء رئيس النادي من منصبه، على أحاديث رؤساء الأندية والمثقفين في المناطق كافة. وفي سعي «عكاظ» لاستطلاع الأجواء بعد قضية رئيس نادي الباحة السابق أحمد المساعد والدكتور علي الرباعي، يجمع رؤساء الأندية على أهمية القرار في ترسيخ مفهوم المرجعية الإدارية، وتنزيه الأندية الأدبية على أن تكون مصدرا لما لا يليق، وطرحها باعتبارها أنموذجا وقدوة للمؤسسات الأخرى، مثنيين في الوقت نفسه على الحزم في اتخاذ القرار، وتوخي المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسهم الوزير الدكتور عبد العزيز خوجة، الحرص على حقوق المثقفين. حرة وواسعة رئيس نادي جدة الدكتور عبد المحسن القحطاني يشير في هذا السياق إلى «أن المنابر الثقافية تعتبر منابر حرة، والمبدأ فيها الاختلاف التكاملي وليس الخلاف الضدي». ويمضي قائلا: «طالما أعطيت عبرها حرية الرأي، فعلينا تقبل الآراء كافة، وما كان منها غير مقبول، فإن الجمهور نفسه يعالج الوضع عبر مداخلته»، معتبرا أن «الرأي القاصر سيُقزم وما يُقبل للمناقشة يُناقش». ويوضح «أن الأندية الأدبية بنيت على الحوار والخلاف، ولم تبن على المطابقة، إذ يجب أن تتسم بالرحابة والحرية وتقبل الرأي والرأي الآخر، كون الأندية تمثل مؤسسة مدنية لا تخضع للشرطة، رغم كونها تعمل تحت مظلة الدولة، غير أن الدولة أعطت للأندية الأدبية مساحة من الحرية وانطلاقة ما لا يمكن أن يحدده رئيس النادي أو الأعضاء». اختلاف فطري رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور عبد الله الوشمي يرى «أن الشأن الثقافي يتجدد بالاختلاف وتباين وجهات النظر، فالاختلاف وتعدد وجهات النظر أمر إيجابي، بل فطري ومتوقع»، مشيرا إلى «أن الأنشطة التي تخلو منه لن تنجح». ويفيد «نحن في نادي الرياض نجتهد من خلال رؤية الزملاء في مجلس الإدارة، والتاريخ الفكري الذي صنعه النادي في تاريخه الطويل، أن يظل مصدرا لتعدد الرؤى ووجهات النظر في ظل الإيمان بالثوابت الكبرى المتفق عليها، بل إننا نتيح في أحد الأنشطة الرئيسة وهو منبر الحوار مجالات واسعة لكي تتعدد هذه الوجهات»، معتبرا أن «النادي المحضن الرئيسي لوجهات النظر وآراء المثقفين». ويتمنى الوشمي «ما حدث في نادي الباحة أن يدار وفق المصلحة العامة، التي تجتهد في دراسة الحدث، والاستفادة من إطاره، والدفع بمواقف الجميع إلى الصالح العام للمشهد الثقافي، وأثق بأن الوزير قادر على ذلك». أدبيات الحوار الدكتور أحمد الطعمي رئيس نادي بريدة الأدبي يستعيد في هذا السياق تجربته، ويقول: «خلال الثلاث السنوات والنصف الماضية، التي ترأست فيها النادي، طرحنا قضايا كثيرة مجال الاختلاف فيها واسع، وكانت تنتهي بأن يقدم كل شخص رأيه وفق أدبيات الحوار، ولم يحدث أن تجاوز اختلاف وجهات النظر قاعة المحاضرة رغم طرحنا لموضوعات كثيرة كانت مثيرة للجدل، لكننا لم نصل إلى نقطة أو موضوع خرج من يد النادي». ويستشهد الطعمي بطرح قضية، رؤية الهلال ما بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي، وقضية التعليم الجامعي في الخارج، حول من يحصلون على شهادتي الماجستير والدكتوراة وهم على رأس العمل من جامعات توفر شهادات بطرق سهلة، ويرى أنه «وبرغم كون القضيتين مثيرتين للجدل، لا سيما ما يتعلق بالشهادات العليا كونها تمس شخصيات كثيرة، لكننا تجاوزنا ذلك وفق أدبيات حوار جيدة». مرجعية لا نتجاوزها رئيس نادي الطائف الأدبي حماد السلمي يؤكد «أنه لم يحدث، وأن وقع لديهم خلاف يؤدي إلى شجار أو يضطرهم إلى رفع شكوى أو تقارير لجهات مختصة»، لافتا إلى أنه «يحدث في النقاشات تباين في وجهات النظر، لكننا نعتبرها ظاهرة صحية لا يمكن أن تؤدي إلى القطيعة أو يتجاوز النادي حدوده، ويرفع شكوى لجهات أخرى، كون نادي الطائف يدرك أن لديه مرجعية، وهي وزارة الثقافة والإعلام»، مضيفا: «المنبر للفكر وليس للمفكرين، والنادي للثقافة وليس للمثقفين، ولا يملكه أحد لكونه متاح للجميع». سؤال مضحك «على الرغم من أنه سؤال مضحك، إلا أنكم تُعذرون في طرحه»، وفق هذه الصيغة يجيب رئيس نادي حائل الأدبي محمد الحمد، ويقول: «سؤالكم يفضح ما آل إليه مشهدنا الثقافي المحلي، الذي ما زال يعوم في غبار الثقافة»، مؤكدا أنه «ليس من مهام المؤسسة الثقافية أيا كانت، وفي أي منصب مثلت أن تتعامل بهذه الطريقة، وأجزم أن إمارات المناطق نفسها تعي هذه الحقيقة، وتترفع عن طلب مثل هذه التقارير من غير أهلها، لكننا ابتلينا بمن يتبرع بأداء هذه المهمة من تلقاء نفسه، ولا أستغرب ذلك من المتطفلين على الأنشطة الثقافية، لكني أستغربه من رئيس ناد». ويعتبر الحمد «إذا لم يتول رئيس النادي مهمة قيادة الوسط الثقافي، ودفعه نحو حرية الرأي، وخلق جو صحي ثقافي، فمن المؤكد أنه قد فشل في إدارته، فما بالك بالعمل ضد مبدأ حرية الرأي وتقويضه». رؤى موحدة رئيس نادي نجران الأدبي صالح آل مريح يشير إلى « نادي نجران من الأندية التي تأسست أخيرا، ونفذ مناشط ثقافية وأدبية عدة، منها الأمسيات والدورات والملتقيات الثقافية»، مؤكدا أنه «لم يحدث ما يعكر صفو تلك الأنشطة، وإذا ما حدث اختلاف في وجهات النظر، فإن رئيس النادي مخول لتقريب هذه الوجهات، والخروج برؤى موحدة تصب في خدمة الحركة الأدبية والثقافية وفقا لسياسات الأندية الأدبية التي أقرتها وزارة الثقافة والإعلام».