اختتمت بالأمس مشاورات سويسرا بين وفدي الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين وفلول المخلوع، علي عبدالله صالح، دون تحقيق أي اختراق حقيقي على الأرض، بسبب تمسك وفد المتمردين بمواقفه السابقة، ورفضه إبداء أي مرونة، وعدم تجاوبه مع المقترحات العديدة التي قدمها المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للقيام ببعض إجراءات بناء الثقة المتفق عليها، مثل إطلاق المعتقلين السياسيين، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والأدوية الطبية للمدنيين في مدينة تعز المحاصرة. وأشارت مصادر من داخل الاجتماع إلى أن الجانبين اتفقا فقط على تكوين لجنة مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار والتهدئة، وبحثا آليات عمل لجنة أخرى للشؤون الإنسانية. وحاولت الوساطة حتى اللحظات الأخيرة جهودها المكثفة لإحداث اختراق حقيقي، من شأنه التسريع بالتقاء الطرفين مرة أخرى، إلا أن وفد الحوثيين ظل على مواقفه الأولى. الاستهانة بمعاناة المدنيين فيما أبدى بعض الوسطاء الغربيين تأثرهم من التقرير الذي قدمه وفد الشرعية عن تدهور الأحوال الإنسانية في اليمن، والدمار الهائل الذي أصاب البلاد، والمعاناة الكبيرة التي يتكبدها المدنيون، اكتفى عضوا الوفد، أبو بكر القربي ومهدي المشاط بالتقليل من ذلك، مشيرين إلى أن الأمر "عادي"، بسبب الحصار المفروض منذ أربعة أشهر. وقال المصدر "يبدو أن موت المدنيين جوعا، والجرحى بسبب عدم وجود العلاج الكافي، والقصف العشوائي الذي يمارسه الانقلابيون على الأحياء السكنية، الذي يروح ضحيته الأطفال والنساء، أمر عادي في عرف ميليشيات المتمردين، لذلك لم يتجاوبوا مع التقرير الذي قدمه الوفد الحكومي، الذي حقق مكاسب كبيرة من خلال عرض ذلك التقرير المصور، في مقدمتها لفت أنظار المجتمع الدولي لجرائم الحوثيين والمخلوع، وتسريع الضغوط المنادية بفك الحصار عن تعز". تجاوزات وتطاول استمرت الأجواء السلبية بين وفد الانقلابيين والوساطة الدولية، حيث وجه المبعوث الأممي انتقادات حادة للوفد، ولوح بإمكانية ملاحقته دوليا على ما يقترفه من انتهاكات بحق المدنيين، وقال مخاطبا القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، عارف الزوكا، "أي حزب سياسي يستخدم القوة المسلحة يفقد طبيعته السياسية، ويتحول إلى مجموعة مسلحة متمردة، شأنه شأن الحوثيين، ويحق للحكومة الشرعية ملاحقته. وتنطبق القاعدة على كل حزب أو مجموعة انقلابية". كما واصل مهدي المشاط، مدير مكتب زعيم التمرد، عبدالملك الحوثي، خروجه على النص، وأثار استياء الحاضرين عندما قال عن استمرار العمليات العسكرية في تعز، وعدم السماح بدخول المساعدات إليها "أما تعز نتمنى نبيدها". مما يعكس عدم دبلوماسيته وقلة خبرته، لاسيما بعد التهديدات التي وجهها أول من أمس إلى ولد الشيخ، وتطاوله عليه، مما دعا الوفد إلى الاعتذار رسميا عن تلك التجاوزات. وكشفت المصادر أن ولد الشيخ أكد أنه سيوضح كافة تجاوزات وفد الحوثيين في التقرير الذي ينتظر أن يقدمه قريبا إلى مجلس الأمن الدولي، عن سير المفاوضات، وسيقوم بتحديد الجهة التي مارست التعنت، ورفضت الالتزام بأجندة المباحثات.