د. عودة سويلم الشمري لعناصر الألوان بمختلف أبعادها الحقيقية دور بارز في تشكيل الصور الفنية للمبدعين أثناء صياغة نصوصهم الأدبية بمختلف أجناسها، وسيلتقي المتلقي وناقد النص الأدبي بالتنوع والإثراء الإبداعي المصوغ من فلسفة الألوان، وتشكيلها رؤى وخيال هؤلاء المبدعين، إضافة إلى ما لهذا التنوع اللوني من دلالات مختلفة؛ إذ لم يكن شعر شاعر أو نثر ناثر خلواً من توظيف العنصر اللوني بمسماه المباشر أبيض وأسود وأحمر وأخضر وأصفر وأزرق وغيرها، أو أحد الاشتقاقات الدالة على أحد هذه الألوان السالف تعدادها. وتجدر الإشارة إلى عناية الإنسان البدائي بعناصر اللون؛ بل إنها شكلت حيزاً واسعاً من يومياته، وقد تناول د.أحمد عمر مختار في كتابه (اللغة واللون-ص161) قضية غزو الألوان "عادات الشعوب وتقاليدها حتى صارت جزءاً من تراثها، واستخدمها الإنسان القديم والحديث في طقوسه الدينية وفي عبادته، ولا تخلو حتى الأديان السماوية من هذه الطقوس". فللألوان –عزيزي القارئ- باختلاف درجتها وماهيتها قيمة متحققة؛ فهي من الوسائل الإبداعية لإمداد المبدعين برحابة الخيال، ورشاقة التشكيل لتصويرهم الفني؛ ولم يقتصر توافر اللون في جمالية دون أخرى. كما يدرك الدارسون للنقد الأدبي الدور البارز للون وما يشكله من معادل موضوعي يتسق والحالة النفسية للأديب؛ لهذا ناسب أن تشكل الألوان صوراً فنية تمد إبداع الشاعر، وتكون أداةً وتكأةً وتوسعاً في أفق خياله وتصويره البياني، فقد حظي نتاجهم الأدبي بالمتنوع والمستجد من دلالات اللون وأبعاده في ذائقة المتلقين، بحيث تتراءى لمتلقي النصوص الأدبية وفرة للون الأبيض، والأسود، والأحمر، والأصفر، والأخضر وغيرها من ألوان بمسمياتها المباشرة أو بما يدل عليها من اشتقاق لفظي، وبرؤى مختلفة وأفكار متباينة.