تواصل المقاومة الشعبية في اليمن ضرباتها الموجعة لميليشيات الانقلاب، فيما كشفت مصادر أن الجماعة المتمردة تسببت في ارتفاع رسوم استخراج جواز السفر إلى 20 ضعفا، بسبب الرشاوى التي يشترطها سماسرة حوثيون، مؤكدة أن الجوازات الدبلوماسية باتت تباع بصورة شبه علنية لمن يدفع ثمنا باهظا. إلى ذلك، جدد المخلوع علي عبدالله صالح مساعيه الرامية لتوفير مخرج آمن له، مقابل فض تحالفه مع الحوثيين. وأشارت مصادر سياسية يمنية إلى مشاورات سياسية تدور في هذا الإطار. ورفض سياسيون يمنيون إنقاذ المخلوع الذي يحاصره الغرق من كافة الجهات، وطالبوا بإحالته إلى المحاكمة الدولية، لينال جزاءه الرادع على ما ارتكبه من جرائم. لم تتوقف السوق السوداء التي انتعشت في عهد التمرد الحوثي على المواد الغذائية والسلع التموينية والمشتقات النفطية فقط، وإنما امتدت لتشمل حتى الخدمات الحكومية التي من المفترض أن تؤدى للمواطن نظير رسوم حكومية محددة، يتم تحصيلها بصورة رسمية، وبإيصالات ومستندات معلومة. واشتكى مواطنون في العاصمة صنعاء من أن الرسوم المطلوبة لاستخراج جواز سفر تضاعفت 20 مرة، من 5 آلاف ريال إلى 100 ألف. بحيث يتم دفع المبلغ الإضافي على شكل رشا لسماسرة استغلوا فرصة الانفلات الأمني والإداري في العاصمة منذ مجيء الانقلابيين، وأصبحوا يتفقون مع موظفين داخل مصلحة الجوازات في صنعاء وبقية المدن على تحصيل الرشا من المواطنين. وكانت معدلات الهجرة قد تزايدت بشكل غير مسبوق من البلاد، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في اليمن، حيث أصبح معظم الشباب والرجال القادرين على العمل يرغبون في الهجرة٬ مما عزز الطلب على وثائق السفر وتأشيرات العمل في الخارج٬ وأسهم في ارتفاع أسعارها بنحو كبير وظهور سوق سوداء للاتجار بالوثائق الثبوتية. ومما أسهم في تزايد المعاناة، المركزية التي تميز العمل الإداري في اليمن، حيث يضطر حتى سكان المحافظات المحررة، مثل عدن وأبين ولحج والضالع وشبوة، إلى السفر لصنعاء للحصول على جوازات السفر، بسبب توقف كافة فروع مصلحة الجوازات بسبب الحرب، وتوقف المركز الرئيسي في العاصمة عن تزويدها باحتياجاتها من الأوراق الثبوتية. تزوير المستندات كشفت مصادر مطلعة عن وجه آخر للفساد في ما يتعلق بالجوازات، حيث تقوم شخصيات موالية للتمرد ببيع جوازات سفر دبلوماسية لشخصيات غير مخولة بحملها، مقابل ألفي دولار أميركي، حيث سارع العديد من رجال الأعمال والتجار وقادة التمرد وشخصيات نافذة في الحصول على الجواز الدبلوماسي. وأضافت المصادر أن هيبة الدولة ضاعت مع قدوم التمرد الحوثي، وأن السلطات الشرعية سوف تحتاج حتما – بعد إنهاء التمرد وعودة الحكومة لممارسة عملها – إلى تغيير الجواز اليمني، لضبط الأمور والقضاء على التلاعب الذي حدث، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الأجانب استطاعوا الحصول على الجواز الدبلوماسي اليمني، بطرق غير قانونية، حيث يتهافت مواطنو إثيوبيا وإريتريا وعدد من الدول الأخرى للحصول على الجواز اليمني، للاستفادة من التسهيلات التي تمنحها الدول الأوروبية لمواطني الدول التي تشهد حروبا ومآسي إنسانية، وتسهل حصولهم على حق اللجوء السياسي على أراضيها. وأكد مصدر مسؤول أن الطلب على الهجرة ازداد خلال الشهرين الماضيين إلى ثلاثة أضعاف المعدل الموجود سابقا، مشيرا إلى أن الإقبال الكثيف على استخراج وثائق السفر يهدد بنفاد الكمية المتوفرة لدى مصلحة الجوازات مع نهاية العام الجاري كحد أقصى.
تشريد الكفاءات يقول الأستاذ الجامعي، سالم الزايدي، إن كل شيء قابل للبيع في زمن الاحتلال الحوثي، وإن الفيصل الوحيد هو المال، وأضاف في تصريحات إلى "الوطن" "كل ما يتصوره العقل، وما لا يتصوره يمكن أن يحدث باليمن في هذه الأيام التي يسيطر فيها الحوثيون على مقاليد السلطة بانقلابهم المشؤوم، وصارت الرشا مبدأ متعارفا عليه، يمارس بكل علنية، وليس أقسى على المرء من مشاهدة جواز بلاده، الذي يشير إلى سيادتها وعزتها، يباع لأجانب بالمال. فبعد أن تسبب الانقلابيون في تهجير كافة القدرات والكفاءات الوطنية من اليمن، ودفعوها لمغادرة البلاد، لم يجدوا ما يفعلوه غير الإساءة لليمن، عبر منح جوازها لآخرين يحصلون عليه بالمال، وكأنه سلعة تباع وتشترى".