تدفق عصر أمس المشيعون على مقبرة حي الصالحية في مدينة الهفوف التابعة للأحساء للمشاركة في توديع وتشييع عميد الأدب الأحسائي الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك، الذي وافاه الأجل المحتوم عصر أول من أمس الجمعة إثر صراعٍ طويلٍ مع المرض في مستشفى الملك عبدالعزيز للحرس الوطني في الأحساء، عن عمر يناهز ال 98 عاماً. وتقدم المصلين محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود. وشارك الآلاف من المشيعين في وداع الجثمان إلى مثواه الأخير، وتقرر استقبال المعزين في مجلس أسرة آل الشيخ مبارك في حي البصيرة للرجال، وللنساء في منزل المتوفى في الحي ذاته. ولد الفقيد بمدينة الهفوف حاضرة الأحساء التاريخية عام 1333ه . واشتغل بالتأليف والتدريس والسلك الدبلوماسي، وكان مرجعاً في التاريخ والسياسة. ونشأ في أسرة اشتهرت بالعلم والأدب فلازم والده ودرس على يده الفقه والحديث والقرآن الكريم، وانتقل إلى بغداد في ريعان شبابه لتحقيق حلمه الأول بنهل العلم من مدرسة دار العلوم العربية والدينية الثانوية، وهي من المدارس العربية الإسلامية العريقة والتي يرجع تاريخ تأسيسها إلى العصر العباسي سنة 459ه، وأدت ضغوط أسرية ونفسية إلى اتخاذه قراراً بالعودة إلى الأحساء، وتزامنت عودته مع بواكير نهضة علمية في الأحساء، وأخذت التغيرات الاجتماعية تفرض واقعاً جديداً من العلم والجد في طلبه فأقنع والده وكبار علماء أسرته ببعثه إلى مصر سنة 1356ه ليكمل دراسته الثانوية هناك ومن ثم ليلتحق بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر، ولم يكفه نهمه في العلم أن تخرج من الأزهر بإجازة في الأدب العربي فواصل دراسته في معهد التربية العالي في جامعة عين شمس، ليتخرج منها بدبلوم في التربية وعلم النفس. كان أول سفير سعودي في دولة قطر بعد استقلالها وفي عام 1392ه، حضر لقاء القمة الخليجي الذي عقد في كلية البترول والمعادن بالظهران آنذاك وكذلك حضر لقاء القمة التي عقدت في أوائل عام 1395 ه برعاية جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله بحكم منصبه كسفير لبلاده في إحدى دول الخليج العربي وبعد ردح من الزمن من عمله سفيراً، عاوده الحنين إلى وطنه فعاد إلى المملكة ليكون مديراً عاماً للإدارة الإسلامية في وزارة الخارجية، وبقي فيها يعمل بجد وإخلاص وقوة وأمانة إلى أن تقاعد سنة 1415ه. أسس في عام 1411ه ندوة أدبية ثقافية جامعة، يعقد لواؤها في يوم الأحد من كل أسبوع اشتهرت ب (الأحدية المباركية)، وهي اليوم تستقطب نخبة من العلماء والأدباء وصفوة المثقفين.