منذ فترة ليست بالقصيرة أتابع وأنا منتسبة لإحدى المجموعات ضمن المواقع الاجتماعية مع ثلة من الصديقات المقربات، وقد قررت إحداهن تسليتنا من خلال نقل روايات عربية على شكل حلقات كل يوم نستمتع بقراءة حلقة، وهي التي تنتهي بحدث يجعلنا بحالة انتظار للحلقة التي تليها، وهذه السلسلة من الروايات منتقاة لبعض الكاتبات العربيات وتنشر على المواقع الإلكترونية، وما لفت انتباهي في انتهاء الرواية الأولى والتي لم أُعقب عليها، أنها جسدت المرأة بطلة الرواية بصورة اللامبالاة والمسترجلة بذريعة تمسكها بعادات جدتها بالشكل والمضمون، دونما الاهتمام بما يحيطها من تطور حضاري لأمس الشكل والفكر، فأخذت تنشد هذا التطور، بعدما علمت بنية زوجها بالارتباط بأخرى، والتي مثلتها الكاتبة بالمنافسة الوضيعة سارقة الرجال، فكانت منافسة دون المستوى، وكأن الرجل ضعيف العقل –مع الاحترام- لا يأبه بخياره الثاني، والنهاية واضحة بفوز بطلتنا بالحفاظ على زوجها ومسامحتها له بما يطلق عليه (نزوة). وتكررت هذه العقدة بالرواية الثانية والثالثة رغم اختلاف الصور والأدوار، وظهرت رسائل للكاتبات بشكل جلي وواضح وهي محاربة تعدد الزوجات كفكر، لنشر ثقافة جديدة تتعارض مع قيمنا الدينية والقومية. فتعدد الزوجات أضحى موضوع الجدل لفترات زمنية طويلة سابقا أو حاليا، وقد ارتبط في أذهان الكثيرين بانفعالات المرأة ومدى تقبلها للزوجة الثانية، وما ينعكس على الأسرة من أضرار، وهو أمر أثار النقاشات والجدل على نطاق واسع في مختلف الأوساط، فأخذ حيزا كبيرا ضمن وسائل الإعلام (التلفاز، المسرح، السينما، الروايات، الصحف)، وهي التي انقسمت بين مؤيد – وهم قلة-، وبين رافض -وهم كثر-، رغم ثبات رأي الدين بموضوع التعدد، قال تعالي: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"، إلا أن الجدل باق لبحث مدى هذه الانعكاسات على الأسرة. وتشير الأرقام التي تظهرها الدراسات في المجلات العلمية إلى أن ظاهرة تعدد الزوجات ليست واسعة الانتشار في البلدان العربية، وطبقا للإحصاءات المتاحة فإن نسبة التعدد في مصر 4%، وتزيد قليلا لتصل إلى حوالي 5% في سورية والعراق، بينما تصل في دول الخليج إلى نحو 8%، لكن هذه الأرقام الرسمية لا تعبر عن واقع الحال، حيث توجد نسبة أخرى من الحالات تمثل الزواج غير الرسمي أو غير الموثق الذي يطلق عليه أحيانا العرفي أو غير المعلن. وبالابتعاد عن الإثارة والرؤية الجزئية للموضوع وهي الرؤية التي تركز على بعض الآثار السلبية للزواج الثاني، أو تكتفي بعرض نماذج معينة ضمن وسائل الإعلام، وإطلاق الأحكام العامة عليها، لتحقيق سيادة فكر (الآثار السلبية للتعدد)، نعود للتركيز ضمن المنظور الديني الذي يعتبر تعدد الزوجات حلا لكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية والسلوكية للرجل والمرأة معا، وذلك ضمن الضوابط الشرعية التي تراعي القدرات والعدالة المادية والنفسية. وأعود لنسبة التعدد في مجتمعاتنا العربية وهي قليلة جدا بالمقارنة مع تزايد عدد النساء اللواتي يعشن وحدهن، وهذا الأمر قد يهدد سلامة المجتمع من زيادة الزواج العرفي أو السري الذي لا يضمن أي حقوق للمرأة وأبنائها، وبالتالي ينعكس سلبا على مجتمعاتنا وما يترتب عليه من أضرار لهذه العلاقات، التي ما زالت المجتمعات الغربية تعاني منها، حفظنا الله وإياكم من كل سوء.