مما يثلج الصدر ما نراه من تنامي وانتشار مؤسسات العمل الخيري. الفكرة العامة لهذه المؤسسات والجمعيات نشأت في إطار الخير والإحسان, وقد تسلحت بما يعضدها من دوافع إنسانية وقيم دينية سمحة. لا ننسى هنا الدور البارز الذي لعبه الدين في الحث على العمل الخيري، ولعل هذا يتضح في الركن الثالث من أركان الإسلام، حيث تعد الزكاة أحد أهم مصادر التمويل لكثير من الجمعيات الخيرية. بيد أن هذا المضمون "التطوع" تطور واتسع استجابةً للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، حيث لم يعد الهدف الأساسي هو تقديم الرعاية والخدمة لبعض فئات المجتمع، بل أصبح الهدف الآن تغيير وتنمية المجتمع وتحسين مستوى المعيشة والقضاء على بعض المشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة والجهل، وهذا يتطلب تطورا نوعيا جادا في أعمال الخير من التطوع بالمال فقط إلى التطوع بالوقت والجهد والخبرة. انتشار المؤسسات الخيرية ضرورة ملحة، فمع تعقد ظروف الحياة واتساع رقعة المجتمعات البشرية وازدياد احتياجات الأفراد ظهرت الحاجة لهذه المؤسسات. صلب اهتمام هذه المؤسسات هو دعم العمل الخيري، كما أنها تقوم بأعباء إضافية أخرى كتوحيد الجهود وتجميعها وجعلها أكثر تنظيما ويُحمد لهذه المؤسسات أن يسرت للناس سبل الخير ودلتهم عليه. بالطبع لا يمكننا الاتكال على هذه المؤسسات فقط. هنالك دور الفرد باعتباره جزءا لا يتجزأ من المجتمع، وباعتباره أيضا عضوا في جسد المجتمع القوي. فبذرة التطوع تغرسها الأسرة وتسقيها المدرسة وسوف يجني ثمارها عاجلا أم آجلا المجتمع، وكلنا يعرف ما للعمل التطوعي من مردود إيجابي فهو يؤدي إلى الترابط الاجتماعي ويبث روح التعاون والإخاء، كما أنه يشغل وقت الفراغ بما هو مفيد للفرد وللمجتمع. تقول مؤلفة كتاب "1001 طريقة لعمل الخير" ميرا ليستر إنه "ليس عليك أن تكون عالم اجتماع أو مهتما بالعلوم الإنسانية حتى تدرك أن الإحسان الذي يخفف معاناة شخص آخر لا يفيد المتلقي فحسب، ولكن يفيد المجتمع كلية". تضيف أيضا "الشخص الذي قام بتقديم خدمة للآخرين قد جعل نفسه شخصا أفضل وجعل العالم مكانا أفضل". وتسرد الكاتبة بعض الأفكار القيمة مؤكدة أن إحداث الفارق لا يتطلب دائما فعل كثير سواء كان على المستوى العالمي أو المحلي، وسواء أكان من أجل شخص واحد أو من أجل كثيرين.