الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «الولاء» يتفوق في تشكيلة الحكومة الأميركية الجديدة    وزير الرياضة يوجه بتقديم مكافأة مالية للاعبي فريق الخليج لكرة اليد    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    إطلالة على الزمن القديم    أرصدة مشبوهة !    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الباز: المساهمة في تعزيز أمن المجتمع واجب على القطاع الخاص وليس تطوعاً
رؤية أمنية لمسؤولية القطاع الخاص الاجتماعية
نشر في الرياض يوم 22 - 03 - 2008

أكد الباحث الاجتماعي الدكتور راشد بن سعد الباز أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، على أن قيام مؤسسات المجتمع، ومنها القطاع الخاص، بمسئوليتها الاجتماعية للمساهمة في تعزيز أمن المجتمع، ليس من باب التفضل أو التطوع، بل من القيام بالواجب الذي يتطلبه واقع التغيّر في المجتمع الحديث، كما أنّ قيام القطاع الخاص بمسئوليته الاجتماعية، يعتبر جزءاً من ردّ الجميل للدولة وللمجتمع، خاصة أنّ الدولة لم تبخل بالدعم المالي والدعم المعنوي للقطاع الخاص، إضافة إلى تبني الدولة لقضاياه والدفاع عن مصالحه أمام الشركات والتكتلات التجارية الدولية.
وشدد الدكتور الباز أنه كما نطالب الأجهزة الأمنية بالقيام بمسئولياتها، نطالب ايضا مؤسسات المجتمع، ومنها القطاع الخاص، بالقيام بمسئولياتها في تعزيز أمن المجتمع والوقاية من الجريمة، موضحا أن العلاقة بين المجتمع ومؤسساته المختلفة تعتمد على ما يعرف ب "العقد الاجتماعي"، الذي يمنح المجتمع بموجبه من خلال مؤسساته المعنية، اعترافاً بتأسيس المؤسسة لتحقيق أهداف مشروعه، في مقابل مساهمة هذه المؤسسات في تقديم خدمات للمجتمع، وهذا العقد يتصف بالدينامكية كونه متغيراً لتغير الظروف والمستجدات في المجتمع، وبالتالي فإنّ التغيرات التي شهدها وتشهدها المملكة، تتطلب من مؤسسات القطاع الخاص، توسيع مساهمتها المجتمعية وشراكتها، فلم تعد خدمات توفير السلع وضمان جودتها وتوظيف أفراد المجتمع أو المحافظة على البيئة هي محور العقد الاجتماعي بل اتسعت لتشمل جوانب يحتاجها المجتمع مثل المشاركة في تقديم خدمات الرعاية الاجتماعية ورعاية المناسبات الاجتماعية والثقافية ودعم مسيرة التعليم والبحث العلمي.
كما أن من أهمها المشاركة في تدعيم الأمن والوقاية من الجريمة، فالقيم الاقتصادية والتي تأتي في مقدمتها تعظيم الربح لم تعد المحدد الوحيد للأداء فالمؤسسات تعمل من خلال أنماط ثقافية وقانونية وسياسية واجتماعية والمؤسسات الخاصة هي جزء من النسق الاجتماعي العام تؤثر وتتأثر بالمجتمع وهذا يستدعي إيجاد نوع من التوازن بين الربح ومراعاة اهتمامات المجتمع كأهداف ضرورية ضمن نطاق المسئولية الاجتماعية.
واجب ديني وأمني
ويشير الدكتور راشد الباز إلى أن القيام بالمسئولية الاجتماعية فيها تحقيق لإحدى القيم الإسلامية العظيمة وهي التعاون كما قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى" المائدة 32، وفيه تحقيق لعمارة الأرض التي حثّ عليها الدين الإسلامي، فتحقيق الربح ليس هو المعيار الوحيد لنجاح المؤسسة لكن هناك معياراً مهماً لا يقل أهمية عن الربح المادي وهو ما تقدمه المؤسسة لمجتمعها من خدمات مجتمعية ومن ذلك تعزيزها للجانب الأمني في المجتمع.
منوها بتنمية الاهتمام بالمسئولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية، خاصة بعد صدور تشريعات وقوانين في تلك الدول تُلزم المؤسسات والشركات بالمسئولية الاجتماعية والمساهمة في تقديم الخدمات، بل وفرض جزاءات عند عدم قيامها بذلك، وفي هذا السياق ذكر حادثة تفيد بأنّ إحدى الشركات الأمريكية رغبت في تقديم مساعدات مالية لدعم التعليم الجامعي في إحدى الجامعات في منطقتها لكن مساهمي الشركة اعترضوا على ذلك مما أدى إلى رفع القضية إلى محكمة نيوجرسي العليا والتي أصدرت قراراً ينص فيه على أنّ المساهمة في دعم العملية التعليمية ليس فقط حقاً للشركة ولكن واجب عليها كجزء من مسئولياتها الاجتماعية، ومن هنا فإنّ مؤسسات القطاع الخاص أصبحت ملزمة بقيامها بالمسئولية الاجتماعية لخدمة المجتمع سواء كان ذلك اقتناعاً من الإدارة أم المساهمين أم انقياداً لرغبة الرأي العام أم تحت وطأة التشريعات والقوانين الحكومية.
وحول مؤسسات القطاع الخاص قال: إن كانت أسهمت في التنمية الاقتصادية لمجتمعاتها، لكنها أسهمت أيضاً في بروز مشكلات اجتماعية واقتصادية في المجتمع قادت إلى مشكلات أمنية، ومثلا استخدام التقنية الحديثة والاعتماد على الآلات في التشغيل والاتصال، يؤدي إلى الاستغناء عن عدد كبير من العاملين، مما يؤدي إلى حدوث بطالة وما يترتب عليها من مشكلات أمنية، ولزيادة الربحية اعتمدت الشركات والمؤسسات الخاصة في المملكة على العمالة الوافدة الرخيصة وبالتالي الاستغناء عن العمالة المحلية وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع البطالة بين المواطنين، وما أفرزته من مشكلات عديدة من أهمها ارتفاع معدلات الجريمة. وبما أن البطالة والفقر يرتبطان بالجريمة فعدم قدرة الفرد على توفير احتياجاته المادية أو عجزه عن تحقيق طموحاته قد تدفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة خاصة في وقتنا الحاضر الذي انتشر فيه الاهتمام بمظاهر الاستهلاك واتسعت فيه تطلعات الأفراد، بل إنّ البطالة من الأسباب الرئيسة للعنف.
نظرة رابحة
وفيما يتعلق بالناحية الربحية المتوقعة للمسؤولية الاجتماعية بين أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن نظرة رجال الأعمال والمسؤولين في الشركات والمؤسسات الخاصة إلى المسئولية الاجتماعية كمسؤولية مكلفة للشركة أو المؤسسة تستوجب مبالغ مالية من دون مردود، وترفع من سعر المنتج، نظرة غير حقيقية لأن الاهتمام بالمسئولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات الخاصة سيؤدى على المدى البعيد إلى قوة المؤسسة التنافسية في السوق وبالتالي زيادة الربح، كما أنّ المسئولية الاجتماعية للمؤسسات الخاصة تعمل على زيادة مكانة ونفوذ المؤسسة في المجتمع وبالتالي يمنحها فرصة أكبر للتحكم في كثير من الظروف وسلوكيات الاستهلاك لأفراد المجتمع مما يخدم تلك المؤسسة، مستشهدا بما ورد في ملتقى "آفاق العلاقات العامة" الذي عقد في جدة العام الماضي، حيث بينت إحدى الدراسات أنّ 86في المائة من المبحوثين يفضلون الشراء من شركات لها دور في خدمة المجتمع، وأن 70في المائة منهم يرون أنّ المسئولية الاجتماعية سيكون لها دور مهماً جداً في الأعوام المقبلة. بالإضافة إلى أنّ اهتمام المؤسسات والشركات بالمسئولية الاجتماعية يرفع من تقدير الدولة والمجتمع لها ويترك صدىً طيباً حيث أظهرت دراسة أنّ 75في المائة من عينة الدراسة يرون أنّ المسئولية الاجتماعية للشركات تُحسن من صورة الشركات.
تضافر ضد الجريمة
وشدد الدكتور الباز على ضرورة تضافر جهود المؤسسات وقال إنّ المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص تستلزم تضافر جهود تلك المؤسسات مع المؤسسات الحكومية لعلاج المشكلات التي تواجه المجتمع ومنها البطالة، خاصة أنّ البطالة من الأسباب الرئيسة في انتشار الجريمة وما يترتب عليها من مشكلات أمنية وأخلاقية وفكرية، واستشهد بنتائج دراسة، أشار إليها مسئول في وزارة العمل، أظهرت أنّه في الفترة بين 1410- 1416ارتفع معدل الجريمة بين العاطلين عن العمل في المملكة بنسبة 320في المائة، وهذا يضع مسئولية كبيرة على القطاع الخاص في المساهمة في حل هذه المشكلة، وهو مهيأ لاستقطاب أعداد كبيرة من المواطنين وتوظيفهم خاصة إذا عرفنا أنّ هناك خمسة ملايين وظيفة في القطاع الخاص تشغلها عمالة وافدة، لكن على مؤسسات القطاع الخاص معالجة المعوقات التي تحدّ من ذلك مثل ما يتصل بحماية وحقوق الموظف وفقدان الشعور بالأمن الوظيفي وطول ساعات العمل والالتزام ببنود عقد العمل، حيث أشار عدد من الشباب الذين يعلمون في القطاع الخاص ممن التقى بهم الكاتب في إحدى دراساته إلى أنّ "صاحب العمل أو المدير يُمكن أن يفصل الموظف أو يخصم من مرتبه لسبب تافه أو بدون سبب وليس للموظف الحق في الشكوى أو التظلم وقد حصلت لبعض زملائهم" كما أشار بعضهم إلى أن صاحب العمل قد يستغل الموظف ويطلب منه القيام بأعمال ليست من طبيعة وظيفته.
حيث أنّ مواجهة وعلاج مشكلة البطالة تتطلب تضافر جميع الجهود الحكومية منها والخاصة حيث أنّ القطاع الحكومي ليس من المفترض وليس بمقدوره أيضاً استيعاب جميع الشباب بجنسيه أو جميع خريجي الجامعات والمعاهد، ولابد للقطاع الخاص من إدراك أنّ المشكلات المترتبة على البطالة من انحراف وعلل وأمراض نفسية واجتماعية وما قد ينتج عنها من تفشي الجريمة وزعزعة الأمن في المجتمع، لا سمح الله، سيلحق الضرر بالحياة الاقتصادية وبالجانب الاستثماري وفي هذا المسار تُشير دراسة للبنك الدولي على مستوى العالم أجريت على عشرة آلاف مشروع خلال العامين 1999و 2000ميلادية أنّ من أكثر الصعوبات التي تُشكل خطورة على الأعمال التجارية والاستثمارية جرائم الشارع والاضطرابات والسرقات، وبالتالي فالتكلفة التي تُنفق في تدريب وتوظيف الشباب ومنحه بعض المساعدات عائدها الاقتصادي أعلى من لو تركوا عاطلين عن العمل. وأمام ذلك فالقطاع الخاص عليه إدراك دوره الرئيس في مساندة الدولة في مواجهة مشكلة البطالة، وهذا ليس من باب التطوع ولكنه ملزم بذلك فهذا جزء من المسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي هو جزء منه.
مركزا على مشكلة التستر باعتبارها من المشكلات الأساسية التي لا يقتصر تأثيرها على الأضرار الكبيرة التي تلحق بالاقتصاد الوطني وما ينتج عنها من ارتفاع في معدل البطالة بل لها تبعات أمنية خطيرة، فيشير د. الباز إلى إحصائية تقول أنّ 62في المائة من العمالة الوافدة يتركون وراءهم الإعمال التي استقدموا من أجلها من قبل الشركات والمؤسسات الخاصة، وإحصائية أخرى تُشير إلى أنّ من بين 800ألف منشأة سعودية 40في المائة منها تعمل بها عمالة وافدة أصحابها ليس لهم إلا الاسم فقط، وكثير من هؤلاء العمال الوافدين المتستر عليهم ينخرطون في أعمال غير مشروعة وربما يُشكلون عصابات إجرامية تُهدد أمن المجتمع وتُمثل عبئاً على الأجهزة الأمنية، لذا فإنّ مؤسسات القطاع الخاص لها دور مهم في مواجهة هذه المشكلة وإدراك أنّ مسئوليتها الاجتماعية مقدمة على الكسب المالي، وأنّ مصلحة الوطن والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، وأنّ أمن المجتمع ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط بل مسئولية الجميع ومنها مؤسسات القطاع الخاص التي تستطيع أن تُسهم في الحفاظ على أمن المجتمع من الممارسات غير المسئولية التي تقوم بها بعض تلك المؤسسات.
أمن العمالة الوافدة
ومن مظاهر المسئولية الاجتماعية لمؤسسات وشركات القطاع الخاص التي تعزز الجانب الأمني في المجتمع هو قيامها بمسئولياتها تجاه عمالتها الوافدة، ذكر الدكتور الباز أن نسبة العمالة الوافدة في تركيبة القوى العاملة في المملكة كبيرة ويُقدر عددهم في القطاع الخاص ب 4.866.989، وهناك ممارسات غير مسئولة من بعض المؤسسات والشركات تجاه العمالة الوافدة كتأخير مرتبات العمال لعدة أشهر أو عدم الالتزام بشروط العقد المتفق عليه أو عدم توفير البيئة المناسبة للعمال مثل تكديس عدد كبير من العمال في غرف صغيرة وعدم متابعة العمال وتنقلاتهم وهذا بدوره يؤدي إلى تفشي الجريمة فعلى سبيل المثال العمال الذين تتأخر مرتباتهم قد يضطرون إلى ارتكاب جرائم كالسرقة والتزوير والاتجار في المخدرات لتأمين احتياجاتهم المعيشية أو تكوين تجمعات للمطالبة بحقوقهم، كما أنّ عدم متابعة تنقلات العمال يجعلهم يمرحون ويسرحون في أرجاء المملكة بلا حسيب ولا رقيب وقد يُشكلون عصابات إجرامية كما هو حاصل في الوقت الحاضر، بالإضافة إلى أنّ تكدس العمال في غرف صغيرة يؤدي إلى جرائم أخلاقية، والمؤسسات والشركات مُطالبة بالقيام بمسئولياتها تجاه عمالتها الوافدة والتزامها بالأنظمة والقوانين العمالية التي تؤكد على أهميتها المملكة وهذا يُحقق قيامها بجزء من مسئولياتها الاجتماعية في تعزيز الأمن في المجتمع والوقاية من الجريمة، ولا بد من إيجاد نظام لمحاسبة ومعاقبة المؤسسات المخالفة.
في حين يرى أنّ هناك ضرورة لتبني الأجهزة الأمنية نظاماً يسجل بموجبه الوافد البيانات الأساسية عنه سنوياً مثل مكان الإقامة ومع من يُقيم والعنوان والهاتف وعمله الحالي من خلال مؤسسته التي يعمل فيها وترفع المؤسسة تلك البيانات أولاً بأول إلى الأجهزة الأمنية، كما يُطلب من كل وافد يُغير إقامته إبلاغ الجهة الموظفة له بذلك وتقوم الجهة بإبلاغ الأجهزة الأمنية. ولتفعيل تطبيق هذا المقترح تُوضع عقوبات على المؤسسات والشركات التي لا تلتزم برفع البيانات إلى الأجهزة الأمنية في وقتها أو تلك التي ترفع بيانات غير صحيحة. ومثل هذا النظام موجود في المملكة المتحدة حيث يُسجل كل أجنبي، غير سائح، بياناته سنوياً وعند تغيير إقامته عند السلطات الرسمية في المدينة التي يعيش فيها. وقد مرّ بتلك التجربة كاتب هذه السطور في المملكة المتحدة بالرغم من كونه قدم إليها كزائر أكاديمي بناء على اتفاق مع إحدى الجامعات البريطانية.
التوعية ضرورية
ويشير أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى أمر يتعلق بمؤسسات وشركات القطاع الخاص، وهو أنّ تلك المؤسسات والشركات يجب أن تأخذ في الاعتبار ما قد يترتب على تقديمها من خدمات أو برامج من آثار وأضرار محتملة على الفرد والمجتمع وبالتالي تقديم برامج توعوية وخدمات موازية تواجه أو تُخفف من تلك الأضرار، على سبيل المثال التسهيلات البنكية والقروض الشخصية وتقسيط السلع؛ فنتيجة لسهولة الحصول على التسهيلات البنكية والقروض والتقسيط دفع ذلك كثير من الأفراد، ومن غير إدراك للعواقب، إلى الحصول عليها مما أوقعهم في صعوبات مالية نتيجة عدم قدرتهم على السداد وقد يؤدي ذلك إلى ارتكابهم لبعض الجرائم المالية أو السلوكية من مخدرات وغيرها في محاولة لسداد ما عليهم من أقساط أو قد يؤدي بهم إلى السجن نتيجة عدم قدرتهم على السداد وما يعنيه ذلك من تحمل الأجهزة الأمنية من أعباء مالية لتغطية نفقات السجن بالإضافة إلى ما ينجم عن سجن رب الأسرة وغيابه عن أسرته من ظهور انحرافات داخل الأسرة، وخير دليل على ذلك ما نجم عن انهيار سوق الأسهم في بعض دول الخليجية من أضرار صحية ونفسية واجتماعية وأمنية ويُعزى أحد أسباب ذلك إلى التسهيلات البنكية الممنوحة للمستثمرين، مؤكدا أنّ التوعية بأي منتج أو خدمة تقدمها الشركات والمؤسسات قبل نزول المنتج أمراً مهماً، فكثيراً من الخدمات التي تقدم لا يحسن بعض المستهلكين استخدامها والبعض يُسئ استخدامها فعلى سبيل المثال خدمة الجوال وخدمة البلاتوه أدت إلى حدوث مشكلات أمنية واجتماعية ونفسية في المجتمع ولعل من أخطرها انتشار لمقاطع عنف واغتصاب جنسي بل وبروز نوع جديد من الجريمة في المملكة وهو الابتزاز الجنسي، ومن هنا فإنّ شركات الاتصالات عليها القيام بمسئولياتها تجاه المجتمع من تبني حملات وبرامج توعية في مختلف وسائل الإعلام ووضع أنظمة تُعاقب من يُسئ استخدام التقنية بل وحرمان من يثبت تورطه في هذه الجرائم من الخدمة، كذلك المساهمة المالية في العلاج النفسي والاجتماعي لضحايا تقنية الاتصالات، ومساهمة القطاع الخاص في مثل هذه القضايا ليس من باب التفضل والإحسان ولكن من باب الواجب وتحمل المسئولية.
ويضيف: من الملاحظ في السنوات الأخيرة انتشار الشركات المساهمة وشركات توظيف الأموال التي استخدمت أساليب بعضها غير قانوني أو مُضلل لاستثمار الأموال فيها مما جعل كثير من الناس يستثمرون أموالهم ومدخراتهم في هذه الشركات لكن من المؤسف أنّ كثيراً من هذه الشركات لم تف بوعودها والتزاماتها واستغلت المستثمر وخدعته في ظل غياب الأنظمة أو عدم تطبيقها مما أدّى إلى فقدان هؤلاء المستثمرين لأموالهم وبالتالي معاناتهم من مشكلات اقتصادية وزيادة مشكلة الفقر والمتضررين منه في المجتمع وما يترتب على ذلك من مشكلات أمنية خطيرة وذلك لارتباط الفقر بارتفاع الجريمة، كما تؤكد ذلك البحوث العلمية؛ ومن هنا فإنّ سنّ التشريعات والتنظيمات الدقيقة في هذا الخصوص وتطبيقها على جميع المؤسسات والشركات ومراقبة هذه المؤسسات والشركات ومحاكمة المتلاعب منها حتى لا يكون المواطن أو المقيم عرضة للاستغلال والخداع.
مؤسسات القطاع الخاص بحسب الدكتور الباز، يُمكن أن تُسهم في دعم الأمن ومكافحة الجريمة من خلال اهتمامها بأمن المنشأة وإجراءات السلامة والرقابة الداخلية والأمن المعلوماتي وتوفير الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، فقد لا تكترث بعض المؤسسات بهذه الأمور أو تقلل من شأنها أو لا توفر الحراسة الكافية للمنشأة ربما رغبة في خفض النفقات وبالتالي تتحمل الجهات الأمنية تبعات ما قد ينتج عن ذلك من آثار، موضحا ان خلاصة حديثه إلى بروز الحاجة في وقتنا الحاضر إلى أهمية استعانة الشركات والمؤسسات الخاصة الكبيرة والمصارف بمستشارين اجتماعيين لتفعيل دور مؤسسات القطاع الخاص في خدمة المجتمع وإضفاء بعد اجتماعي عند اتخاذ تلك المؤسسات لسياساتها وقراراتها يأخذ في الاعتبار التبعات الاجتماعية والأمنية.
ويختتم الدكتور راشد الباز بالتأكيد على أن المشكلات التي يواجهها المجتمع وأفراده في وقتنا الحاضر قد تعددت وتعقدت وبرزت احتياجات اجتماعية وأمنية لم تكن موجودة في السابق نتيجة للتطور الحضري والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شهدتها المملكة وزيادة العمالة الوافدة، وقد أثّرت هذه التغيرات على الجانب الأمني في المجتمع، فزاد معدل الجريمة وتعددت أشكالها وأساليبها وتقنياتها، وأمام ذلك فإنّه من الصعب على جهاز واحد وهو الجهاز الأمني مهما أُوتي من إمكانات مادية وطاقات بشرية تحقيق الأمن بمفهومه الشامل والقيام بجميع الأدوار والمهام العديدة من توعية وتثقيف ووقاية ومكافحة ومراقبة وضبط وحفظ للأمن وحماية للمجتمع، لذا فإنّ قيام مؤسسات المجتمع ومنها القطاع الخاص بمسئوليته الاجتماعية في المساهمة في تعزيز أمن المجتمع واجباً وليس تطوعاً.
يذكر أن الدكتور الباز يشغل نائب رئيس الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، وصاحب بحث "الشراكة المجتمعية بين مؤسسات المجتمع والأجهزة الأمنية" الفائز بجائزة مجلس التعاون لدول الخليج العربية للبحوث الأمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.