شكل الدولار على مدى العقود الماضية ملاذا آمنا لنحو 13 دولة، لتجاوز التقلبات الاقتصادية العالمية أو لتخفيف وطأتها، ما جعلها تربط سعر صرف عملاتها به، وتتخذ منه عملة رئيسية لاحتياطاتها المالية، نظرا لعدة عوامل على رأسها قوة اقتصاده، وتسعير السلع الخام به، إذ يعد الأكثر تداولا في العالم بما نسبته 80% من التداولات التجارية. ورغم التوقعات بتأخير تطبيق قرار رفع الفائدة الأميركية بعد أن خفضت بكين عملتها للنظر في الوضع والحفاظ على الصادرات الأميركية مقابل الصينية في الأسواق العالمية، إما بخفض قيمة الدولار أو إجراءات أخرى مرتقبة، إلا أن الربط بالدولار يظل الخيار الأول. في الوقت الذي تخشى فيه اقتصاديات العالم من الدخول في حرب عملات، بعد أن خفضت الصين عملتها اليوان إلى 3.5% الأسبوع الماضي، يبرز الدولار كوجهة رئيسة لدول عدة حول العالم لربط سعر صرف عملاتها، نظرا لعوامل عدة على رأسها قوة الاقتصاد الأميركي وتسعير السلع الخام في العالم بالدولار ومن بينها النفط، إضافة إلى أن الدولار يعتبر العملة الأكثر تداولا في العالم بما نسبته 80% من التداولات التجارية، في حين يعتبر الدولار ملاذا آمنا للكثير من الاحتياطات المالية للدول. وعلى الرغم من ظهور توقعات خلال الفترة الماضية بتأخير تطبيق قرار رفع الفائدة الأميركية، بعد أن خفضت بكين عملتها، للنظر في الوضع والحفاظ على الصادرات الأميركية مقابل الصينية في أسواق العالم إما بخفض قيمة الدولار أو إجراءات أخرى مرتقبة، حيث إن خفض اليوان من شأنه انخفاض أسعار السلع الصينية عالميا، إلا أن مسألة ربط صرف سعر العملة بالدولار يظل الخيار الأفضل للكثير من الدول حتى وإن خفض الدولار من قيمته، نظرا لما يملكه الاقتصاد الأميركي من قوة جعلت الدولار ملاذا آمنا لاحتياطيات واستثمارات عالمية. وترتبط عملات 13 دولة في العالم يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة بالدولار حاليا، إلى جانب عدد من الدول الصغيرة، في حين تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي سياسة ربط عملاتها بالدولار، باستثناء الكويت التي ربطت عملتها بسلة عملات في العام 2007، والإمارات التي حددت هامشا لسعر صرف عملتها مقابل الدولار، إلا أنها تعتبر مرتبطة به. قوة الدولار المستشار الاقتصادي الدكتور يوسف الزامل قال ل"الوطن" إن الدولار الأميركي يعد حرا ولكنه بمقابل العملة الصينية يواجه ضغوطا للحفاظ على التوازن التجاري، مضيفا: "وبالتالي فإن خفض اليوان لربما يضغط على الدولار ويؤدي إلى انخفاض سعر الدولار على الأجل المتوسط، لأن ارتفاع الدولار أمام انخفاض اليوان الصيني يؤدي لخفض الصادرات الأميركية، مما يؤدي إلى زيادة العجز وهو ما نتوقعه في الأجل المتوسط، والصادرات السعودية حينها من البتروكيماويات وغيرها من الصادرات ستشهد انخفاضا في أسعارها وتزيد وهو ما يصب في مصلحة الاقتصاد السعودي". أما الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن فاستبعد أن يشهد الدولار أي انخفاضات خلال المرحلة المقبلة، وقال ل"الوطن" إن العملة هي وسيلة وليست هدفا لعمليات التبادل، أما من الناحية الاقتصادية تنظر الدول لقوة العملة وضعفها في عملية التصدير والمنافسة في الأسواق، لذا ينشأ لنا ما يسمى بحرب العملات والعملة هي من المعوقات التي تؤدي إلى خفض الاستيراد أو من المحفزات التي تساعد على الاستيراد. وقال باعشن إن الدولار لديه ميزة تختلف عن أغلب العملات فأغلب السلع تسعر بالدولار وقوة الدولار قد لا تكون في صالح الاقتصاد الأميركي، لأنه يجعل من سلعها أغلى، وبالتالي ضعف المنافسة. الانعكاس على الريال أما عن انعكاس ذلك على الريال، فقال باعشن إن ارتباطه بالدولار مهما لأن أهم سلعة لدى المملكة هي النفط الذي يتم تسعيره بالدولار، مضيفا: "كما أننا شهدنا العديد من المضاربات حدثت في الأسواق على الريال نتيجة لأن توجه الريال يتوافق مع توجه الدولار، وتسعير العملات يعد أداة من أدوات السياسات النقدية وما حدث في الصين هو توجه جديد في اقتصادها، ولكنها لا تريد أن تفقد الأسواق، فانخفاض العملة الصينية وقبلها اليابانية أدى إلى ضياع بعض الأسواق من السوق الأميركي. وقال باعشن إن قوة الدولار ليست من قوة سعر العملة فقط، وإنما من قوة اقتصاده والمؤشرات كافة تشير إلى قوة الدولار، الذي يعمل على توازن العملات الأخرى حاليا، مشيرا إلى دول تقوم بتعويم عملتها وعدم ارتباطها بعملة أخرى للخروج من مأزق خفض الصين لعملتها، إضافة إلى ما يحدث حاليا من أن تسعير العملة لم يعد للمضاربة وإنما لاستخدامها في السياسيات الاقتصادية كالتضخم والمساعدة على التصدير ليجعل من العملات في الوقت الحاضر تشهد نوعا من الاضطراب.
استقرار نقدي المستشار الاقتصادي الدكتور يوسف الزامل قال إن الحركة النقدية الحالية وما يحدث في الصين من إجراءات اقتصادية وجدتها الولاياتالمتحدة إجراءات غير مريحة، وكذلك بالنسبة للشركاء الاقتصاديين في العالم لأن ذلك يطلق نوعا من عدم التوازن في الاستقرار النقدي في أسعار العملات العالمية، مضيفا: "ولا شك أن الصين لن تتراجع عن إجراءاتها الاقتصادية وربما يحصل نوعا من بعض التغيير في أسعار العملات لفترة موقتة فقط". وأوضح الزامل أن حرب العملات لربما حدث ولكن ما قامات به الصين من إجراءات بخفض العملة يفيدها موقتا وليس على الأجل الطويل لأن الانخفاض في نمو الاقتصاد الصيني حدث نتيجة لعوامل هيكلية، ما يعني أن إجراء التخفيض ليس سوى حركة مالية موقتة، مبينا أن ما سيتبع ذلك من مجابهة من قبل العملات الأخرى لخفض اليوان الصيني، لن يكون إلا موجة نقدية وليست حقيقية، بحيث لن تستمر. ويتفق الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن مع ما ذهب إليه الزامل إلى حد ما، عندما قال إن الوضع الاقتصادي الحالي لا يشير إلى تغييرات في القوى الاقتصادية، ولكن الاقتصاديات العالمية تشهد دورات اقتصادية جديدة والاقتصاد الأميركي يحتل الريادة حاليا ولن نشهد على المدى القصير تغيرات في المشهد الاقتصادي العالمي، مبينا أن العوامل التي تؤدي إلى نشوب حرب عملات غير موجودة في الوقت الحاضر لأن الدول تحاول حماية عملاتها قدر الإمكان في ظل تذبذب الأسواق العالمية حاليا.