تعمد الدول الصناعية إذا حدث تباطؤ في اقتصادها وتأثرت صادراتها إلى خفض قيمة عملتها لتحفيز الصادرات وبالتالي الإنتاج. وإذا كانت مشكلة التباطؤ بسيطة، تنجح عادة عملية خفض العملة في تنشيط الصادرات وبالتالي الاقتصاد. وقد قامت الصين قبل أيام بخفض سعر عملتها «اليوان» أمام الدولار بهدف تحفيز صادراتها، وهذا ما يخيف جميع الدول الصناعية وأمريكا على وجه الخصوص، كون الصين أكبر شريك اقتصادي معها وأكبر منافس في السوق الدولية. وهذا يعني تأثر الواردات والصادرات الأمريكية سلباً سواء البينية أو مع العالم.. لذلك من المتوقع أن تلجأ أمريكا إذا ما استمر تراجع اليوان إلى خفض قيمة عملتها، وقد بدأت بذلك فعلا من خلال إيقاف رفع سعر الفائدة أو تأجيله. ما يهمنا هنا تأثير الحرب المتوقعة للعملات بين الصينوأمريكا على الاقتصاد السعودي، فالصينوأمريكا أهم شريكين اقتصاديين وتجاريين للمملكة في شقي الاستيراد والتصدير، وأي تغير جوهري في اقتصادهما لابد أن يؤثر على اقتصادنا، فخفض اليوان يخفض فاتورة واردات المملكة من الصين التي بلغت 185 مليار ريال عام 2014م. والأهم هو انخفاض أسعار السلع الصينية في السوق المحلية.. ولأن السلع الصينية تمثل النسبة الأكبر من السلع التي يشتريها المستهلك، فإن ذلك سيؤثر بشكل سريع ومباشر على فاتورة مشتريات المستهلك العادي وسيشعر بذلك خلال أسابيع قليلة، الأمر السيئ هنا أن يستأثر التجار بمعظم أرباح انخفاض اليوان ولا يكون لذلك أثر حقيقي على أسعار السلع الصينية في السوق. وخفض اليوان هو نتيجة تباطؤ نمو الاقتصادي الصيني وذلك التباطؤ في النمو يضغط على المنتج الصيني ما يجعله أقل قدرة على التفاوض ويمكن الضغط عليه للحصول على مزايا سعرية ومواصفات وخدمات. بشكل عام إيجابيات ارتفاع الدولار أمام اليوان على الاقتصاد السعودي أكبر من السلبيات، إلا أن التاريخ والمنطق الاقتصادي يقولان إن أمريكا لن تقبل بمزيد من الضغط على الدولار صعودا، لأن ذلك يعني الضغط على الصادرات الأمريكية للصين وضعف منافسة المنتجات الأمريكية للمنتج الصيني في السوق العالمية وحتى داخل أمريكا. لذلك ستلجأ الخزينة الأمريكية إلى إجراءات تحد من ارتفاع الدولار، وهذا سيؤثر سلباً على العائدات الحقيقية للنفط، كما سيخفض من مزايا تراجع اليوان، لكن قد يكون له ميزة برفع الطلب على النفط في ظل انخفاض أسعاره. عموما ما يحدث في سوق العملات حتى الآن يصب في مصلحة الاقتصاد السعودي، لذلك يجب الاستفادة منه بأقصى درجات الاستفادة، وإشراك المستهلك في تلك الفائدة.