يبدو أن الطريق الذي اتخذته الصين للخروج من أزمتها الاقتصادية عبر جملة من الحلول، من بينها خفض قيمة اليوان إلى 3.5%، سيقود العالم إلى حرب عملات، حيث برزت توقعات بتأخير تطبيق قرار رفع الفائدة الأميركية إلى نهاية العام، للنظر في الوضع الحالي والمحافظة على حصة صادرات واشنطن في الأسواق العالمية أمام منافسها الأكبر الصين، وهو الأمر الذي يستدعي أيضا دولا صناعية كبرى لسلك الطريق ذاته. وفي الوقت الذي تنعكس قيمة خفض اليوان إيجابا على المستهلكين في الأسواق العالمية، لما لذلك من تأثير في خفض قيمة السلع الصينية، دعا اقتصاديون في حديثهم إلى "الوطن" وزارة التجارة إلى تعزيز الرقابة لتحقيق استفادة المستهلك من هذه عكست التحركات السريعة للحكومة الصينية لخفض عملتها حتى وصلت نسبة تراجع اليوان إلى 3.5%، بوادر حرب عملات، وسط توقعات بتأخير تطبيق قرار رفع الفائدة الأميركي حتى نهاية العام، للحفاظ على حصة صادراتها في الأسواق العالمية مقابل المنتجات الصينية الأكبر منافسة لها، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي خسائر كبيرة في أسواقه المالية، وهو ما يشي بدورة اقتصادية جديدة لم تتضح معالمها بعد. وعلى الرغم من أن خفض الحكومة الصينية لعملتها اليوان ب3.5%، سينعكس إيجابا على المستهلكين داخل الأسواق الأجنبية ومن بينها المملكة، نظرا لقوة حضور المنتجات الصينيىة في السوق السعودية، وهو ما يؤدي إلى مطالبات بتحقيق هذا الانعكاس على أرض الواقع، إلا أن هذا الخفض سيؤثر على اقتصاد المملكة بطريقة غير مباشرة إذا ما خفضت أميركا من عملتها لمنافسة اليوان الصيني، وذلك بسب ارتباط سعر صرف الريال بالدولار. حرب عملات وأشار المستشار المالي محمد الشميمري في حديثه إلى ل"الوطن" إلى وجود حرب عملات غير معلنة، مبينا أن كل دولة تحاول خفض عملتها خاصة الدول التي تعتمد على الصادرات لديها، مضيفا: "وبالتالي فارتباط الريال بالدولار سيؤثر على الريال بطبيعة الحال"، إلا أنه ذكر بأن تأكيد مؤسسة النقد لاستمرار ارتباط الريال بالدولار، يعود إلى أسباب عدة ولحماية العملة السعودية من التذبذب وإعطائها مزيدا من المصداقية في الأسواق المحلية والخارجية. وقال الشميمري إن الولاياتالمتحدة الأميركية تتحكم بالسياسات النقدية مثل رفع وخفض معدل الفائدة، إضافة إلى برامج التيسير الكمي والتي بالتالي تنعكس على الدولار، مضيفا: "وبسبب المخاوف من الأحداث في الأسواق الناشئة فإن الاقتصاديين يرون أن البنك الفيدرالي الأميركي لن يرفع الفائدة في شهر سبتمبر كما هو متوقع له بل سيؤخر ذلك إلى شهر ديسمبر مما أثر على سعر الدولار وأدى إلى انخفاضه، حيث شهد هبوطا أمام العملات الرئيسة حينها". دورات اقتصادية من جهته، قال الخبير الاقتصادي أحمد الجبير ل"الوطن" إن الأحداث الحالية التي يشهدها الاقتصاد العالمي تشير إلى الدخول في دورة اقتصادية جديدة، تحدث قرابة كل خمس سنوات، مشيرا إلى أن الإجراءات التي قامت بها الصين من خفض لقيمة اليوان لزيادة إنتاجها محليا وزيادة صدارتها، سيكون له تأثيرا إيجابيا على المستهلك السعودي في الوقت الحالي بخفض قيمة أسعار المنتجات الصينية في السوق السعودي، إلاّ أنه قال إن ما يحدث لدينا هو العكس فالعملة الصينية تنخفض والأسعار تستمر في مستويات مرتفعة إذا ما ارتفعت. حماية المستهلك ودعا الجبير إلى تحقيق استفادة المستهلك مما يحدث للاقتصاد الصيني، حيث تعتبر منتجاته من أكبر المنتجات التي يتم استهلاكها محليا، وذلك عبر تعزيز دور وزارة التجارة بمراقبة الأسعار، وإعطاء السلع قيمتها الحقيقية، مبينا أن وزارة التجارة تراقب الأسعار إلاّ أنها لا تستطيع أن تتحكم بعملية تأثير خفض العملات العالمية على أسعار المنتجات محليا، مطالبا بضرورة وجود فريق متخصص لمراقبة أسعار العملات الخارجية في ارتفاعها وانخفاضها وتأثير ذلك على سعر السلع محليا ليستفيد المستهلك المحلي من انعكاس انخفاض سعر العملات على السلع التي نستهلكها من تلك الدول. أما المستشار المالي محمد الشميمري فقال إن خفض قيمة العملة يؤدي إلى خفيض أسعار المنتجات، مضيفا: "وبالتالي من المفترض أن يكون لذلك الإجراء أثرا على المستهلك في أي دولة في العالم تستورد من الصين، ووزارة التجارة وحماية المستهلك لهم دور كبير في التأكد من أن المنتجات قد تم خفضها لأننا تعودنا أن كثيرا من التجار يضيف هذا الخفض لفائدته وليس لمصلحة المستهلك النهائي". واستشهد الشميمري بانخفاض الين الياباني، حيث لم يكن له انعكاس على السلع اليابانية في السوق السعودية مثل السيارات، مضيفا أنه عندما انخفضت قيمة اليورو لم يكن هناك أي انخفاض لأسعار الواردات الأوروبية، مطالبا في الوقت ذاته وزارة التجارة بتحقيق استفادة المستهلك النهائي جراء الانخفاضات في أسعار العملات العالمية.