دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي إلى إعادة النظر في سياسات معالجة الأزمة السورية، مشيرا إلى أن النظام السوري أتاح تزايد نفوذ المنظمات الإرهابية وتمدد أنشطتها لتشمل أنحاء واسعة من الأراضي السورية، مهددة كيان الدولة السورية ومؤسساتها ووحدة أراضيها وشعبها، وكما قال أحد الحكماء فإن الظلم يدمر والعدل يعمر. وأشار العربي، في كلمته خلال مؤتمر "المعارضة السورية من أجل الحل السياسي" الذي عقد بالقاهرة أمس، بمشاركة نحو 200 قيادي من ممثلي أطياف المعارضة السورية، إلى تفاقم الأزمة السورية وازدياد المخاطر الناجمة عن تفاعلاتها وتداعياتها الإقليمية والدولية، وحجم ما خلفته من شلالات دم ودمار واسع ومآس إنسانية قاسية، يفرض علينا جميعا وبإلحاح ضرورة إعادة النظر فيما اتبع حتى الآن من سياسات لمعالجة هذه الأزمة، بعد أن أدرك الجميع عدم إمكانية الحسم العسكري وخطأ المضي في هذا الخيار الذي لن يفضي إلا إلى مزيد من الفوضى والدمار ونزيف الدماء. وأضاف العربي أن الأمر يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المؤثرة والمعنية بمجريات هذه الأزمة، وتحمل مسؤولياتها السياسية والتاريخية لإنقاذ سورية وشعبها، وذلك بالعمل الجاد نحو ابتكار صيغة مناسبة تضمن تنفيذ البيان الختامي لمؤتمر جنيف (1) الذي شاركت الجامعة في إعداده في 30 يونيو 2012. من جهته، أكد وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري أن المجتمع الدولي لم ينجح حتى الآن في الخروج بتوافق حول صيغة تنفيذية للتسوية السياسية في سورية، وإن فاتورة مأساة سورية لم يتحملها سوى أبناء الشعب السوري، والعملية السياسية في سورية جمدت لفترة طويلة، والعمليات العسكرية المتصاعدة أصبحت أكثر جذبا للجهود والإمكانيات الدولية والإقليمية على حساب التسوية السياسية. وأشار شكري إلى أن عملية تقريب وجهات نظر قوى وشخصيات المعارضة الوطنية السورية بدأت بالقاهرة في يناير الماضي، وأثمرت حتى الآن عن نقاط عشر تم التوافق عليها من أجل الحل السياسي، وتطورت تلك العملية بالارتكاز على جهود الشخصيات السورية المشاركة في مؤتمر موسع، يستهدف صياغة تصور يتأسس على تلك النقاط التوافقية، ويتضمن رؤية واضحة لمستقبل سورية، وصيغة تنفيذية لوثيقة جنيف، بحيث يتم طرح هذا التصور على الشعب السوري والمجتمع الدولي من أجل الحل السياسي. وأضاف أن التصور الذي سيخرج عن هذا المؤتمر سيكون مفتوحا لجميع الأطراف والفصائل والتجمعات السورية لتبنيه، فقوة ونجاح جهودكم منذ البداية ارتكزا على تطلعات مجمل الشعب السوري، ولم يقتصرا يوما على أطراف من دون أخرى. وأشار إلى أن سيطرة الطائفية وانتشار الفوضى والتنظيمات والميليشيات المتطرفة والإرهابية على معظم الأراضي السورية، أمر يهدد مستقبل المنطقة برمتها، ولا يمكن السكوت عليه، أو القبول به باعتباره أمرا واقعا، كما أثبتت التجربة أن مواجهة خطر تلك التنظيمات وإعادة توحيد الأراضي السورية، لن تتحققا من دون التوصل لتسوية سياسية، وهي تسوية مبنية على وثيقة جنيف، حيث تبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات التنفيذية، وتكتسب شرعيتها من الشعب السوري ومن الاعتراف الدولي بها باعتبارها صيغة توافقية مدعومة من قبل المجتمع الدولي، وتتمكن تلك الهيئة بمؤسساتها المختلفة من إدارة عملية عودة المهجرين وإعادة الاستقرار وإنفاذ القانون. كما تتمكن من جذب الدعم الداخلي والخارجي لمواجهة القوى المسلحة الرافضة للتسوية، كي تتمكن هيئة الحكم من ممارسة السيادة على الأراضي السورية كافة.