لم يعرف الشعب اليمني يوماً الثقة بالنظام الإيراني، الذي أدمن التدخل في شؤون بلادهم الداخلية، وسعى في مرات كثيرة إلى إشعال الفتن، ولم يعرفوا عنه إلا تزويد بعض الفصائل بالبارود والرصاص والمتفجرات. لكن أن يفقد الحوثيون أنفسهم الثقة في إيران، وهم الذين يعدون أذرعتها وأياديها، فهذا تطور لم يظهر للعلن إلا في الفترة الحالية. ويبدو الشعور بالخذلان واضحاً على وجوه الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن، جراء خسائرهم الكبيرة منذ بدء عملية عاصفة الحزم، التي أعقبتها عملية إعادة الأمل، في وقت اقتصر دور إيران، حليفهم الرئيس، على التصريحات والحملات الدعائية والإعلامية، وعجزت عن فعل أي شيء يمكن أن يؤدي إلى إنقاذ عملائهم. وعبّر قيادي حوثي في حديث إلى "الوطن" عن خيبة أملهم من الدور الضعيف لإيران، وتخليها عنهم في اللحظات الحرجة، حسب قوله. وعدّ القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، الوعود التي قطعتها إيران لوفد زار طهران تزعمه القيادي الحوثي صالح الصماد أنها كانت "كلام على ورق"، ومن تلك الوعود التي تلقاها الوفد خلال الزيارة، تأمين حاجات اليمن من المشتقات النفطية لعام كامل، وإنشاء محطات كهربائية، وغيرها من الوعود التي قال إنها ذهبت أدراج الرياح. كما تساءل مواطنون يمنيون، عن الدعم الإيراني وتلك المساعدات التي ظل الانقلابيون الحوثيون وحليفهم المخلوع يرددونها صباح مساء، بأن اليمن ستزدهر على يد إيران، في حين أنهم لم يعرفوا منها سوى الموت والخراب. وأشادوا بالمساعدات والمبادرات التي تقدمها دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، كما عدوا إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، واتخاذ قرار بأن تكون الأولوية فيه لمساعدة اليمنيين، قراراً حكيماً ينبئ عن رغبة صادقة في تقديم المساعدة والعون، وليس مجرد حديث زائف كالحديث الذي تلوكه إيران. ويعد مراقبون يمنيون، اليأس الذي ينتاب الانقلابيين من تخلي حليفتهم إيران عنهم، أنه يوحي بالهزائم المتلاحقة التي تلقوها، وما يجب عليهم أن يقرروه من جنوح للسلم في المرحلة القادمة، بدلاً من الطيش واستخدام العنف، كما أن هذا الخذلان، يعتبر رسالة واضحة لأبناء الشعب اليمني كله، ليتمكن من التمييز بين صديقه وعدوه. ويقارن يمنيون بين المساعدات التي تقدمها المملكة للشعب اليمني، والتي تكون في الغالب عبارة عن مساعدات تنموية تسهم في رفع مستوى معيشة الشعب، وبين آلات الموت والدمار التي دأب الإيرانيون على تقديمها لحليفهم الحوثي، مشيرين إلى أن ما تقدمه المملكة لليمنيين ينطلق من قيم الدين الإسلامي الحنيف التي تحض على التكافل والتعاضد، إضافة إلى صلة القربى التي تجمع بين الشعبين، والجوار التاريخي الذي أوجد علاقة فريدة بينهما، بينما تنطلق إيران من محاولات زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، لذلك تسعى دوماً لتغليب فصيل على آخر، وحتى الفصيل المتحالف معها لا تدعمه إلا بالرصاص والبارود، وهو ما دأبت على القيام به لكل عملائها في المنطقة العربية، سواء في لبنان أو سورية أو العراق، ولم يعرف عنها الاهتمام بتقديم مساعدات إنسانية. وبات حلفاء إيران في اليمن، الممثلون في المتمرد الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، يعانون من هزائم متتالية جراء فقدانهم لأهم معاقلهم العسكرية التي أخرجتها عن الجاهزية طائرات التحالف بغارات جوية مركزة، إضافة إلى فقدانهم المئات من مقاتليهم في جبهات القتال المختلفة.