مواطن ينتمي إلى جيل تربى على حب العمل وتقديسه، يعلم جيدا أن العمل شرف طالما كان حلالا وأن أنبياء الله كانوا يأكلون من عمل أيديهم، فالعمل ليس عيبا مهما كان، لكن العيب الحقيقي أن يجلس الرجل في بيته منتظرا من ينفق عليه، ومع مرور السنين أصبح العمل لديه عادة لا يستطيع الاستغناء عنها بل تحول إلى جزء من حياته لا يستطيع التنازل عنه رغم عدم حاجته المادية له. إنه المواطن جابر بن عايض أحد أشهر المسنين في محافظة سراة عبيدة الذي قرر إعطاء الشباب درسا عمليا بشكل يومي بعيدا عن النصائح والخطب في قيمة العمل وشرف أن يأكل المرء من عمل يده. فلم يمنعه كبر سنه الذي تجاوز حاجز المئة عام من مزاولة العمل في مزارعه في سراة عبيدة حتى هذا الوقت بل تعدى ذلك إلى إصراره على قيادة آلة الحرث الضخمة بنفسه، والتي يستخدمها بحرفية كبيرة. ويسكن المواطن ابن عايض هو أبناؤه وأحفاده في قرية آل عبيدية بني بشر، ويمثل العم ابن عايض الجد الخامس لبعض أحفاده البالغ عددهم أكثر من 80 فردا. ويقول العم ابن عايض: إنه يعمل على الحراثة منذ أن مضى عهد الحرث بالثيران التي كانت الوسيلة الوحيدة التي تستخدم في حراثة المزارع، لكن دورها هذا قد انتهى الآن بعد الثورة التكنولوجية وظهور آلات الحرث الميكانيكية والتي توفر بالطبع الكثير من الجهد والوقت. ويضيف أنه يقود آلة الحرث بمهارة ولا يعطي أحدا من أبنائه فرصة لقيادتها. وأشار إلى أنه يبدأ في حراثة الأرض من الصباح الباكر حتى المساء ولا يواجه أي صعوبات. مؤكدا أنه يجد متعة كبيرة في ذلك على الرغم من الجدوى الاقتصادية المحدودة لذلك العمل في الوقت الحاضر. وأضاف أنه يشكر الله على نعمة الأمطار التي حظيت بها المنطقة خلال الفترة الماضية، مؤكداً أنها ساعدت في عودة الزراعة لتلك المزارع. ويقول ابنه سلطان: إن والده يقود الحراثة بحرفية عالية، حيث يصعب عليهم قيادتها مثله. ويضيف: أن والدهم يتمتع بصحة جيدة، وهو بالفعل يعتبر قدوتهم في جميع أمور حياتهم خاصة في حرصه على الصلاة وفي جميع تصرفاته. وأوضح أن له نظاما يمشي عليه طيلة حياته ساعده في أن يتمتع بتلك الصحة، ويقول: إن برنامج والده اليومي يتمثل في الاستيقاظ باكرا وقت صلاة الفجر ولا ينام ومن ثم يتناول وجبة الإفطار ومن النادر أن يتناول وجبة الغداء وفي المساء يتناول وجبة العشاء بعد صلاة المغرب مباشرة وبعد صلاة العشاء يخلد إلى فراشه. مضيفا: أنه منذ أن عرف والده، وهو يسير على ذلك النظام في حياته اليومية ولم يغيره. إلى ذلك يؤكد أحد أعيان القرية صالح بن علي أن العم جابر بن عايض يعتبر من أهم من يقود جلسات الصلح بين أفراد القرية أثناء حدوث النزاعات، حيث يكون دور المحاكم والجهات الأخرى قليلا جدا في حال حدوث نزاعات.