في وقت انفض فيه الاجتماع "الاستثنائي" للإدارة العامة للجمعية العربية للثقافة والفنون نهاية الأسبوع الماضي بأحد فنادق العاصمة الرياض، دون جديد يذكر، سوى الرفع بمطالب الجمعية إلى وزارة الثقافة والإعلام لإيجاد مخرج من الضائقة المالية بحلول ناجعة، أكد مصدر مطلع من داخل الوزارة ل"الوطن" أمس، أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي مهتم بالجانب الثقافي والفني، ولديه الكثير من الرؤى في هذا الاتجاه، وأضاف المصدر قائلا: "أعطوا الرجل فرصة، حتى تتبلور أفكاره وتتضح سياساته"، مشيرا إلى أن الوزارة تعقد الآن كثيرا من الاجتماعات المكثفة والدراسات لعدد من القضايا الإعلامية والثقافية، في الوقت الذي اعتذر المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام الدكتور سعود كاتب عن الرد في "اللحظات الأخيرة"، وهو الذي طلب إرسال الاستفسارات على إيميله منذ أيام عدة. إلى ذلك، طالب عدد من الفنانين بأهمية انتشال أفرع جمعية الفنون من واقعها المادي المتردي، لافتين إلى أن الأدب والفن يعدان من مكونات الثقافة لأي مجتمع متحضر، ما يستدعي عدم التمييز بينهما في الدعم والاهتمام، مثيرين مجددا فكرة المراكز الثقافية التي ظلت تطرح بقوة في المشهد السعودي منذ سنوات، من قبل كثير من المثقفين والأدباء والفنانين الذين ذهب بعضهم إلى تبني مقولة موت الأندية الأدبية وانتهاء زمنها. وقال مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في منطقة عسير الدكتور علي مرزوق: إن المتابع للحركة الفنية التشكيلية في المملكة يلحظ أن هناك نشاطا مكثفا من ناحية المعارض المتخصصة أو الملتقيات والتظاهرات التشكيلية، إضافة إلى المشاركات الدولية، وبالتالي فإن هذا الحراك الفني في حاجة ماسة إلى دعم مالي، وهذا لن يتأتى إلا بدمج الأندية الأدبية مع جمعيات الثقافة والفنون ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالفنون التشكيلية والفوتوجرافية والكاريكاتير والمسرح في مراكز ثقافية موحدة تجمع هذه الفنون، والصرف عليها جميعا وفق موازنة سنوية، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من المراكز الثقافية المنتشرة في بعض مناطق المملكة لتكون مقرا لهذه الأندية والجمعيات التي تخدم شرائح واسعة من شباب وشابات الوطن. من جانبه، وصف الممثل والمخرج المسرحي خالد المغربي الحربي واقع الفنون في المملكة بأنه محبط ومخجل في ذات الوقت، وقال "للأسف بعض أفرع جمعية الثقافة والفنون لم تقم بواجباتها تجاه رعاية المواهب في كل المجالات"، مشيرا إلى أن عدم اعتراف وزارة الثقافة والإعلام بنشاطات جمعية الثقافة والفنون وفعالياتها، عادا ذلك أنه هو لب المشكلة. وأضاف المغربي "أنا مع إلغاء جمعية الثقافة والفنون وتحويل بعض لجانها إلى الأندية الأدبية كالمسرح والفن التشكيلي والتصوير الفتوجرافي لأن الدعم سيكون أكبر سواء ماديا أو معنويا"، لافتا إلى أن سياسة "التقشف" التي أقرها مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون قبل أكثر من عام وشملت تقليص عدد العاملين بالأفرع وخفض الأنشطة كانت البداية الحقيقية لانهيار عدد كبير من تلك الأفرع، مختتما حديثه بالقول "أتمنى ممن لا يرى في نفسه القدرة على خدمة الجمعية أن يبادر بتقديم استقالته حفظا لماء الوجه"، على حد وصفه. الفنان التشكيلي عبدالعظيم الضامن أكد على أن واقع الحركة الفنية في المملكة "مؤلم في ظل شح الدعم المادي"، مرجعا التقصير إلى وزارة الثقافة والإعلام في هذا الشأن، بعدم اعترافها بجمعية الفنون بشكل رسمي، مطالبا بدمجها مع الأندية الأدبية في كل منطقة تحت سقف واحد كمراكز ثقافية، وستجد قبولا أكثر لدى المجتمع، وأردف قائلا: "إنشاء مراكز ثقافية في كل منطقة هو حلم لدى الفنانين منذ فترة طويلة، والوقت الحالي أصبح هذا المطلب ملحّا، خاصة في ظل التطور المعرفي والحراك الثقافي الكبير داخل المجتمع السعودي، وتأكيدات القيادة الرشيدة على الاهتمام ببناء الإنسان".