كشف رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد مجاهد عن تعاون جار لتفعيل مشروع ثقافي مشترك بين المملكة العربية السعودية ومصر، لتطوير الكتاب العربي، بالإضافة إلى تفعيل النشاط الثقافي بين البلدين ليمتد إلى طوال العام ولا يقتصر فقط على المشاركة في معرضي القاهرة والرياض الدوليين للكتاب. وجاء تصريح مجاهد لوكالة الأنباء السعودية على هامش فعاليات النشاط الثقافي لجناح المملكة عقب توافد آلاف الزوار لليوم العاشر على التوالي إلى جناح المملكة العربية السعودية ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال46، مثمنين التنظيم المتميز للجناح السعودي والكتب القيمة التي يحتويها. وأرجع مجاهد الإقبال الكبير على الجناح السعودي إلى وجود عدد كبير من الكتب والإصدارات المتميزة والمؤلفات الحديثة في الدين والعلوم والأدب وغيرها، فضلا عن تنوع دور النشر وتعدد الجامعات السعودية المشاركة. وقال: الجناح السعودي هو الأكثر تميزا بين الدول المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ويكفي مشاركة 70 ناشرا سعوديا من بين 250 ناشرا عربيا في المعرض، مما يجسد حجم وعمق ثقافة المملكة ودورها في تعزيز ودعم الثقافة الإسلامية والعربية. وأشار مجاهد إلى الثراء الثقافي والأدبي الذي يظهر من خلال الأنشطة الثقافية المصاحبة لمشاركة جناح المملكة في معرض الكتاب والتفاعل الجماهيري الواضح مع هذه الأنشطة، مما يجعل المملكة لكل ذلك تستحق أن تكون ضيف شرف معرض الكتاب هذا العام. وكانت الملحقية الثقافية السعودية في القاهرة الصالون الثقافي نظمت (حوار أدبي/ قصائد شعرية) في فندق سيتي ستارز في مدينة نصر أول من أمس ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمشاركة المملكة العربية السعودية. وشارك في الحوار الذي أداره الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الدكتور عبدالله الوشمي، كل من رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد مجاهد والدكتور حسن الهويمل، والدكتور صابر عبدالدايم، والشاعر أحمد التيهاني الذي استهل الأمسية بقصيدة شعرية بقصيدة (إني أرى فيها عيونا لها السحر) للبارودي، وألقى قصيدتين بعنوان (يموت المغني إذا قيل له توقف)، و(حنينك كالبقاء على البقايا). وقال الهويمل: إن مثل هذا الصالون الثقافي يسهم في تقريب المسافات بين الثقافات وقنوات التواصل بين الشعوب وتلاقح الثقافات، لأن الأديب صدى لمجتمعه ومعبر عن هموم وطنه، وكل وطن عربي له همومه التي يشترك فيها مع غيره من البلدان العربية الأخرى كما له همومه الخاصة. وأضاف الهويمل: مثل هذه اللقاءات الثقافية تسهم في التلاقي والتقارب أكثر مما تفعل القنوات السياسية، ولا بد من تكثيفها كلما سمحت الظروف لتبادل الخبرات والثقافات، آملا أن يتمخض الصالون عن رؤى وتصورات جديدة تضيف إلى رصيد الأدب والآداب المنتمية إلى أقاليمها، فالأدب العربي في مختلف البلدان العربية توجد مشتركات بين الإنتاج الثقافي لهذه الأقطار. وقال أحمد مجاهد إن الثقافة عملية جدلية بين القارئ والمتلقي، فلا ثقافة بلا تجديد، مشيرا إلى أن التجديد لا يعني هدم الماضي ونسيانه، بل البحث عن النقاط المضيئة في الماضي والبناء عليها، وإعادة نظر في كثير من الأفكار المطروحة في الثقافة الإسلامية، وتجديد النظر للخطاب الديني للعودة إلى النظرة الرائقة للإسلام وللثقافة الإسلامية الوسطية، لافتا إلى اختيار شخصية المعرض هذا العام الشيخ محمد عبده، نظرا لكونه رائد التجديد والوسطية في العصر الحديث. وألقى عبدالدايم قصائد عدة منها (اسمي صابر) تتحدث عن الهوية، وقصيدة (الرحلة) وقصيدة (نجد)، وقصيدة (من النيل شريان إلى البيت يمتد). وتحدث محمد القشعمي في مداخلة له عن مسؤولية المثقف العربي في الدفاع عن قضايا الأمة، وليس الاعتماد على أحد لكي يحمل رسالتنا ويدافع عن استحقاقاتنا، فالعالم اليوم عبارة عن قرية صغيرة ويمكن أن نخاطب كل العقول والعقلاء في شتى العواصم ونطرح مطالبنا وحقوقنا. إلى ذلك، عقدت بجناح المملكة ضمن البرنامج الثقافي ندوة (مصر والسعودية في الذاكرة الثقافية)، تحدث فيها أستاذ التاريخ الحديث في جامعة عين شمس الدكتور جمال معوض شقرة، قائلا: إنه ربما يتصور البعض أن مصطلح الثقافة مرادف للدراسة والقراءة والتعليم، لكنه مصطلح أشمل، فهو يمثل أسلوب حياة شعب من الشعوب وكيف يتعامل مع مقوماته الفكرية، ومن هذا المنطلق، فالوطن العربي كله صاحب ثقافة متشابهة تكاد تكون واحدة، لأن الدين إحدى ركائز هذه الثقافة، ومن ناحية أخرى فإن اللغة تجمع الشعوب العربية مما وقف حائط صد أمام الاستعمار ومحاولة تمزيق الوطن العربي. وأكد أستاذ التاريخ الحديث أنه لا توجد فروق جوهرية بين الشعوب العربية في طرائق عيشها، وطرائق عيش الشعب المصري لا تختلف كثيرا عن طرائق عيش الشعب السعودي، إذ لا توجد فجوات في التعامل بين الشعبين اللذين نجحا فيما فشل فيه الحكام العرب وهو استبدال الحدود السياسية بتواصل الحدود الثقافية. وأضاف شقرة الثقافتان المصرية والسعودية تلاقحتا منذ بداية التاريخ، حيث حدث تجاوب وتبادل عبر الزمن، بدءا من التاريخ القديم ومرورا بالتاريخ الوسيط والحديث. وأشار إلى أن الجزيرة العربية موطن الهجرات منذ بداية الزمن، حيث هاجر أهل الجزيرة العربية شمالا إلى العراق، وشمال غرب إلى بلاد الشام، وإلى مصر، وهو السبب الذي عزا إليه شقرة وجود أسماء لقبائل وأماكن عربية في مصر تعود أصولها إلى الجزيرة العربية، مثل قرية بني عطية، وقرية بني سليم، والحويطات، إذ أسهمت الهجرة في مزيد من التلاقح بين أهل الجزيرة العربية ومصر والسعودية.