اتهم مندوبو المنظمات والدول الغربية بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، الحكومة السودانية بارتكاب انتهاكات جسيمة للحريات ولحقوق الإنسان، لاسيما في مناطق النزاع بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وكان وفد السودان المشارك في اجتماعات المجلس قد قال إنه رصد إرهاصات من بعض الدوائر الغربية لإدانته وإعادته إلى البند الرابع بزعم تدهور حقوق الإنسان. وكان الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان مشهود بدرين، قد قدم تقريره خلال الاجتماعات، منتقداً بشدة تعامل الحكومة مع احتجاجات سبتمبر التي وقعت العام الماضي إثر مظاهرات على رفع الدعم عن الوقود وتردي الأوضاع الاقتصادية، وأوصي التقرير الحكومة السودانية بتسريع اتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لتحديات حقوق الإنسان، والتي شملت حرية التظاهر والتجمع السلمي، وحرية الصحافة والتعبير، ورفع الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام، وحرية الدين والمعتقد، ووقف الضربات الجوية على المدنيين في جنوب كردفان ودارفور. في غضون ذلك، واصلت أجهزة الأمن السودانية حملة الاعتقالات التي تشنها على الناشطين السياسيين، بهدف الحيلولة دون تنظيم مظاهرات في ذكرى احتجاجات سبتمبر 2013، واعتقلت السلطات طلاباً في الجامعات والمدارس الثانوية، كما تلقت أسر ضحايا المظاهرات تحذيرات من السلطات بشأن تنظيمهم لتأبين يحيي ذكرى أبنائهم القتلى. وأكدت مصادر ل"الوطن" أن قوة تابعة لجهاز الأمن اقتحمت مبنى جامعة الزعيم الأزهري واعتقلت العديد من الطلاب، واقتادتهم من فصولهم الدراسية إلى جهات غير معلومة. وأدان عدد من السياسيين هذه السياسات التي وصفوها ب"الخرقاء"، مشيرين إلى أنها لن تؤدي إلا إلى تزايد السخط الشعبي على حكومة البشير. وقال القيادي في الحزب الاتحادي بقطاع الشرق محمد عثمان حسن "حكومة المؤتمر الوطني لا تدع فرصة لزيادة الغضب الشعبي عليها إلا وانتهزتها، فهي تهاجم معارضيها، وتعتقل الطلاب، وتفعل ككل ما من شأنه أن يؤلب عليها الشعب، وقلنا مراراً إن هذه التصرفات تؤثر على مسيرة الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس البشير، وبسبب هذه الممارسات أصبحت جهود الحوار غير ذات معنى". إلى ذلك، ألمحت الحكومة السودانية إلى إمكانية تأجيل الانتخابات المقررة في أبريل المقبل في حال وجود توافق وإجماع بين القوى السياسية بالبلاد. وقال عضو المفوضية الهادي عبدالله، في منبر إعلامي أمس إنه إذا توافق أهل السودان وأجمعوا على تعديل الدستور وتأجيل الانتخابات، فإن المفوضية لا تملك إلا الانصياع. وأعرب عن أمله في أن تتوافق كل الأحزاب السودانية على رأي سواء لمصلحة البلاد والسلام، موضحاً أن المفوضية مكلفة بموجب القانون على إجراء الترتيبات للانتخابات في آجالها المحددة كاستحقاق قانوني وفقاً للدستور. ويأتي هذا التحول بعد أن هددت كبرى الأحزاب السودانية: الأمة القومي، والاتحادي الديموقراطي، والمؤتمر الشعبي بمقاطعة الانتخابات، وأكد رئيس منبر السلام الطيب مصطفى، أن الأحزاب المشاركة في الحوار ستنسحب منه، ولن تشارك في الانتخابات في حال إصرار الحكومة على إقامتها وفق الجداول الزمنية المعلنة. وقال "لا يمكن أن نشارك في انتخابات غير متفق عليها وعلى إجراءاتها والقوانين التي تحكمها".