أطلقت السلطات السودانية أمس، زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي الموقوف منذ نحو شهر، فيما هدد الحزب الحاكم القوى الرافضة مبادرته لحوار وطني، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل. وأكد ابراهيم غندور مساعد الرئيس السوداني ونائبه في الحزب الحاكم، أن الحزب سيمضي نحو الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، كبديل للحوار، ولا سيما إذا رفضت القوى السياسية مجتمعةً دعوة الحوار، مشيراً إلى استعداد الحكومة إلى الوصول الى وقف إطلاق نار شامل مع الحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. وقال غندور في خطاب خلال نشاط حزبي في أم درمان، إن لدى حزبه رغبة قوية في إجراء الحوار باعتبار أن لا بديل له للاتفاق على قضايا الوطن والمضي نحو الانتخابات ليختار الشعب من يحكمه. لكنه استدرك، قائلاً: «اذا رفضت الأحزاب الحوار، فبالتالي البديل الآخر أن نمضي الى الانتخابات العامة». وشدد على أن الانتخابات «ليست بديلاً، وإنما استحقاق وسنمضي بها، متى أعلنت مفوضية الانتخابات العامة انطلاقتها». وأكد أن حزبه سيمضي في الحوار مع من ارتضى به. وتأتي تصريحات مساعد البشير في ظل تعثر عملية الحوار التي دعا إليها الرئيس السوداني أخيراً، وذلك بعد توقيف الصادق المهدي، ورئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، على ذمة انتقادات وجهها الرجلان الى قوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن واتهامها بارتكاب انتهاكات في اقليم دارفور. كما وجه غندور رسالة الى الحركات السودانية المسلحة، مؤكداً أن البندقية لن تقود إلى نتائج. وشدد على «أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ومتطوعي الدفاع الشعبي والشرطة وجهاز الأمن، أثبتت أن البندقية لم تنجح في فعل شيء، لذا ما زلنا نعول على الحوار على رغم الواقع على الأرض»، في إشارة إلى أن الحكومة انتصرت في معاركها الأخيرة ضد المتمردين. وشدد غندور على استعداد الحكومة للوصول الى وقف شامل لإطلاق النار بالاستفادة من أخطاء اتفاق السلام مع جنوب السودان عام 2005 بعدم الموافقة على وجود جيشين في البلاد ونفى غندور حدوث انقسام داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم أو ضعف، وأضاف: «حزبنا اليوم، أكثر قوة ووحدة مما كان عليه في السابق ومن يحلم بضعفه وبانشقاق في داخله فهو حالم». وسخر من الأصوات التي تتحدث عن انقسام داخل الحزب الحاكم، وقال: «لم يكن حزبنا موحداً وقوياً في تاريخة أكثر مما هو اليوم»، وزاد: «إن الذين يحلمون بضعف وانقسام الحزب يحلمون بالمستحيل». إطلاق المهدي الى ذلك، كشفت مصار مطلعة أن لجنة وساطة تتألف من شخصيات قومية أفلحت في إقناع الحكومة بإطلاق الصادق المهدي. وخاضت اللجنة التي تضم رئيس الوزراء السابق الجزولي دفع الله ووزير الداخلية السابق احمد عبدالرحمن ورئيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية السابق كامل ادريس، اربع جولات نقاش مع نائب الرئيس بكري حسن صالح، حول خطوات الإفراج عن المهدي. وقال مسؤول في اللجنة ل «الحياة» إنها أفلحت بعد جولة النقاش الأخيرة مساء الجمعة، في تقريب وجهات النظر بين الحكومة وحزب الأمة، ما مهد لإطلاق المهدي. وتوقع المسؤول ان تضطلع اللجنة بدور مماثل في استصدار عفو عن رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ الذي اعتقل الأحد الماضي في مدينة النهود في ولاية غرب كردفان. وكان كامل ادريس زار المهدي في محبسه أكثر من اربع مرات واجتمع مع نافذين في حزب الأمة الى جانب لقاءات واتصالات برموز المعارضة. من جهة اخرى أبلغ وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة امس، الخبير المستقل لأوضاع حقوق الإنسان في السودان التابع للأمم المتحدة مشهود بدرين في بداية زيارته الخرطوم، عزم الحكومة السودانية على إنشاء نيابة في مكافحة الاتجار بالبشر متماشية مع المواصفات الدولية. وكرر دوسة التزام بلاده التعاون مع آليات الأممالمتحدة ومجلس حقوق الإنسان الدولي من أجل تطوير حقوق الإنسان بالبلاد، داعياً الى تقديم العون لتعزيز هذا المجال. وشدد على تكامل وتناسق جهود السودان مع المؤسسات الدولية في مجال سن القوانين، مشيراً إلى أن السودان يقدم تقاريره إلى المحافل الدولية والمحلية، داعياً إلى أن تقاس جهود بلاده في مجال حقوق الإنسان عبر الثوابت المعمول بها. وقال بدرين إن جدول زيارته الى السودان يشمل مناقشة الأوضاع الفعلية لحقوق الإنسان والتطورات التي حدثت خلال الفترة السابقة خصوصاً الأوضاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وعلم أن المسؤول الدولي طلب تفقد سجون في الخرطوم، كما سيزور ولايات سودانية متأثرة بالنزاع بين الحكومة والمتمردين.