طالعتنا صحيفة "الوطن" مؤخراً بخبر اعتزام وزارة الصحة سحب (60) مشروعاً صحياً متعثرة من مقاوليها، وإسنادها إلى شركة أرامكو، بهدف تسريع إنجازها وفقاً لجدول زمني محدد، هكذا أصبحت أرامكو فرس الرهان للإنجاز النموذجي، بعد نجاحها في تنفيذ عدة مشروعات كبرى _خارج اختصاصها_ بالجودة المبتغاة وفي زمن قياسي، من أهمها: جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، ومشروع تصريف المياه ودرء أخطار السيول، واستاد الملك عبدالله (الجوهرة) في جدة. وإذا كان من حقنا أن نفخر بشركة سعودية على هذا النحو من السمعة العالمية والمحلية، فإن من حق الشركة علينا، وبدافع وطني خالص، أن ننضم إلى طابور المتوجسين خشية أن تنشغل أرامكو بهذه المهام الإضافية الخارجة عن دائرة اختصاصها، فمهما كان العائد من تنفيذ هذه المشروعات، فإن أي مغامرة _مهما تناهت في الصغر_ تؤثر بذلك على عملها في البحث والتنقيب عن النفط ومعالجته وتصنيعه، ومسؤوليتها عن تسويقه عالمياً، لا يمكن أن تكون مقبولة، باعتبار أنها تمس عصب الدخل الوطني. ومع التقدير التام لكل ما قد تدوول في القضية من آراء ترمي إلى استحداث وزارة جديدة للمشروعات، أو تأسيس شركة رديفة تخرج من رحم أرامكو لهذا الخصوص، إلى غير ذلك مما خرج على الساحة، فإن الأصوب _بزعمي_ أن يجتمع أصحاب هذه المشروعات المتعثرة في الوزارات المختلفة لمدارسة أسباب التعثر _بكل شفافية_ مع المرجعيات ذات العلاقة، ومنها بالطبع المقاولون، والغرف التجارية الصناعية، ووزارتا العمل والتجارة والصناعة، وربما وزارة الشؤون البلدية والقروية، لأن هناك مشاريع متعثرة لعدم وجود الأرض، إلى غير ذلك من الجهات المعنية بأسباب التعثر، فيما يشبه المؤسسة أو الهيئة العامة لعلاج المشروعات المتعثرة. وفي هذه الحالة يمكن لشركة أرامكو أن تمد هذه الهيئة بخبراتها الاستشارية الفنية والإدارية التي تميزها في معالجة مثل هذه الأمور كلما اقتضى الأمر، وبذلك نضمن انسيابية الخبرة في إنجاز المشروعات على النحو المراد في الوقت المناسب من هذه الشركة العملاقة إلى كل الجهات التي تعاني هذه المشكلة، دون التأثير على إدارة أرامكو بتحميلها ما لا تطيقه وتتحقق الفائدة للمجتمع على كل الأصعدة. أرامكو _بطبيعة الحال_ ليس لديها عصا سحرية، تنجز بها مهامها بهذه الجودة والانضباط، وإنما هي الخبرة التراكمية برصيد يحاكي الحداثة العالمية والمحلية، أكسبتها هذه الميزات الفنية والإدارية، التي تنجز بها كل ما نراه من نجاحاتها، فلماذا تبقى هذه الميزات حكراً عليها، وهي بالسبق _ولا شك_ قد سجلت سقفها العالي، لكن الأجدى والأولى أن تسري العدوى الحميدة لهذه الميزات في كل مفاصل الإدارة الحكومية، بل والقطاع الخاص على السواء. ولعله من المناسب في الموضوع أن أختتم مستعيدا تلك التساؤلات التي ختم بها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مقاله المنشور في "الوطن" بتاريخ 3 /10 /1430 تحت عنوان "العالم الأول على أرضنا.. فماذا نحن فاعلون؟". " أما آن الأوان لوزارة الخدمة المدنية أن تطرح مبادرة لإعادة النظر في النظام الإداري، مثلاً، وتحاول أن تستفيد من نظام أرامكو؟ أما آن الأوان لوزارة المالية أن تعيد النظر في النظام المالي، مستفيدة أيضاً من نظام أرامكو؟ أما آن الأوان لوزارات الخدمات أن تقلد ما يحدث في أرامكو والجبيل وينبع والمدن العسكرية؟ لا تخجلوا، صدقوني، ليس في ذلك ما يعيب. حاولوا مجاراتهم حتى ولو كانوا أصغر منكم. أما آن الأوان لإعادة النظر في نظام المناطق، وتعزيز الإدارة المحلية بصلاحيات تمكنها من إدارة مشاريعها، وتحميل مجالس المناطق المسؤولية، حتى يمكن محاسبتهم على التقصير؟" شاكر سليمان شكوري