منذ أن نجحت أرامكو في إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ثم نجحت في إنشاء استاد الملك عبدالله في جدة في وقت قياسي تحولت إلى هدف لبعض الوزراء وبعض أمراء المناطق لإنهاء المشاريع المتعثرة منذ عدة سنوات، وكان آخر هؤلاء الوزير عادل فقيه الذي اجتمع بكوادر وزارته لبحث مشكلة تعثر العديد من المشاريع الصحية الهامة وبينها مستشفيات طال انتظار الأهالي لها، حيث خرج هذا الاجتماع بتوجه يتلخص في سحب هذه المشاريع من المقاولين الذين يقفون خلف هذا التعثر مع السعي لتسليم هذه المشاريع إلى شركة أرامكو كي تنجزها بالسرعة المطلوبة. وقد تحدثنا في هذا العمود عن غرابة منهج تسليم المشاريع المتعثرة لأرامكو، لأن فشل الوزارات في متابعة مشاريعها ونجاح أرامكو في تنفيذ المشاريع الخاصة بها لا يبرر معاقبة هذه الشركة العملاقة من خلال إرهاقها وتشتيت جهودها عبر توريطها بمشاريع عجزت الوزارات عن إنهائها، كما تحدثنا في مناسبة أخرى حول ضرورة العودة إلى إحياء وزارة الأشغال العامة بعد أن ثبت عجز الكثير من الوزارات عن إنهاء المشاريع الخاصة بها، فهذا هو الحل الأقرب للمنطق، خصوصا أن الدور الأساسي لوزارة التربية والتعليم هو التعليم وليس بناء المدارس وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الصحة التي يجب أن تركز جهودها على معالجة المرضى ومكافحة الأوبئة وليس على متابعة كميات الأسمنت والحديد في هذا المبنى أو ذاك. وقد يقول قائل إن عودة وزارة الأشغال لن تغير من الواقع شيئا، لأنها سوف تسير على ذات المنهج البيروقراطي الذي تسير عليه بقية الوزارات وأن المقصود بتكليف أرامكو بهذه المشاريع هو الاستعانة بحيويتها وتحررها من العقد البيروقراطية وأساليب عملها الحديثة وبيئة عملها النشطة، وهذا رأي وجيه لأننا يمكن أن نعود إلى دوامة التعثر مع وزارة الأشغال المقترحة، لذلك قد يكون من المفيد تأسيس هذه الوزارة اعتمادا على كوادر أرامكو التي ثبت نجاحها في إدارة المشاريع العملاقة ومحاولة نقل بيئة عمل أرامكو إلى هذه الوزارة بدلا من الوضع الحالي الذي أخشى أن يقود إلى نتيجة معاكسة، أي نقل روتين الوزارات وعقدها البيروقراطية إلى أرامكو بعد أن تتوغل هذه الشركة النفطية في المشاريع الحكومية المختلفة وتضطر للتعايش مع مشاكل الوزارات المختلفة فتنتقل إليها العدوى وتتشرب البيروقراطية من مختلف المناهل وشيئا فشيئا تواجه مشاكل في مهمتها الرئيسية المتمثلة في استخراج البترول وتصديره. في كل الوزارات اليوم إدارات خاصة للإنشاءات، وكذلك الأمر بالنسبة لأمانات المدن، بل إن بعض هذه الجهات الحكومية قامت بتأسيس شركات حكومية كبرى للإنشاء والتعمير ورغم ذلك فإن أغلب هذه الجهات تواجه مشكلة حقيقية في تعثر مشاريعها، وقد شكل الرقم المخيف للمشاريع المتعثرة ضربة للقفزة التنموية الكبرى المستهدفة، وقد يكون في خروج وزارة للأشغال من رحم أرامكو أو حتى شركة عملاقة للبناء حل لهذه المعضلة بدلا من فكرة توريط أرامكو بالمشاريع الحكومية المتعثرة ب(القطاعي)، لأن أرامكو أكبر وأهم من أن تتحول إلى مقاول بالباطن!. [email protected]