طالعتنا الصحف في الأيام الأخيرة عن تعثر مشاريع لوزارة الصحة تزيد على 60 مشروعاً، وبتكلفة تزيد على 4 مليارات ريال في مختلف مناطق المملكة، الأمر الذي تطلب إسناد استكمال هذه المشاريع إلى شركة أرامكو السعودية. وقبل مناقشة أهمية إسناد هذه المشاريع لشركة أرامكو السعودية، هل سألنا أنفسنا بعض الأسئلة ومنها: هل تمت معرفة الأسباب الحقيقية وراء تعثر هذه المشاريع لوزارة الصحة التي تهم المواطنين جميعاً؟ هل جاء التعثر من مقاولي هذه المشاريع؟ أم من قبل الوزارة وتعقيدات البيروقراطية لديها؟ أم من قبل وزارة المالية والتقصير في الاعتمادات وتعطيل في الصرف؟ وأين الجهات الرقابية لمتابعة تنفيذ مثل هذه المشاريع (ديوان المراقبة ونزاهة)؟ أم أن هذه الجهات الرقابية لتدقيق المستندات والوثائق التي تصل اليها؟ لقد تكرر سحب كثير من المشاريع من المقاولين في الفترة الاخيرة، وعلى سبيل المثال الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والذي نعرفه ان جميع الوزارات والهيئات المستقلة من أهم اداراتها الادارة الهندسية والمشاريع، يصل المسؤول فيها الى مرتبة وكيل وزارة فما هي الأعمال التي يقومون بها؟ عند الاجابة على هذه الاسئلة ومعرفة الحقيقة يمكن التفكير بشركة أرامكو بعد التجربة الناجحة لها وتنفيذها لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ومشروع استاد الملك عبدالله بجدة، حيث تم تنفيذ هذين المشروعين في وقت قياسي وعلى درجة عالية من الجودة، وهو ما دعى المقام السامي الى اسناد وبناء 11 استاداً رياضياً في جميع أنحاء المملكة لشركة أرامكو، وكلنا أمل أن نرى هذه المشاريع في القريب العاجل كما أنني ارجو أن لا تكون هذه ظاهرة جديدة تمارس لكل مشروع متعثر. وقد تطرق كثير من الكتّاب السعوديين الى موضوع اسناد المشاريع لشركة أرامكو، وبعض منهم معترضاً على ذلك بسبب أن شركة أرامكو ذات نشاط مميز ليس على المستوى المحلي بل العالمي حيث أنها من أكبر الشركات المنتجة للبترول، وليست من أكبر المقاولين، وهذه حقيقة حيث أنني اتفق مع كثير من الكتّاب الذين أشاروا إلى هذه الشركة (أرامكو) أن تبقى عملاقاً في مجال اختصاصها. ولماذا لا نفكر بحلول أخرى، وأنا هنا اعرض تجربة للشركة العقارية السعودية حيث كانت الشركة تقوم بتنفيذ مشاريعها بنفسها وكونت عمالة ومهندسين على مستوى عالِ من التجربة، وبنت ورش انتاج لمختلف مواد البناء اللازمة، وقد سجلت انخفاضاً كبيراً في تكلفة المشاريع التي نفذتها، وانعكس ذلك على نتائجها المالية وزيادة ربحية مساهميها، حيث أنها شركة مساهمة سعودية. وفي عام 1990م اتفقت الشركة مع وزارة الخارجية ووزارة المالية على قيام الشركة ببناء مقار بعثات الخارجية الدبلوماسية في كل من البحرين وعمان والامارات العربية وقطر، وبأسلوب بعيد عن الاجراءات المتبعة في عمليات الصرف على هذه المشاريع، حيث تم الاتفاق مع بنكين محليين في عمليات الصرف لشركة العقارية وفق شهادات انجاز موقعة من مدير المشروع من جانب الشركة ومن ممثل وزارة الخارجية بالمشروع، على أن تتحمل وزارة المالية الدفع للبنوك لاحقاً مع تكاليف الأعباء. وبذلك استطاعت هذه التجربة من انجار تلك المشاريع في وقتها، وقد استفادت الشركة العقارية كمقاول، والبنوك كممول، والمالية كضامن ودافع للبنوك لاحقاً، ووزارة الخارجية كمستخدم ومالك للمشاريع. كل ذلك تمّ وبنجاح بسبب تبسيط الاجراءات والصرف المباشر للشركة المنفذة، واعتقد ان ذلك هو سبب نجاح شركة أرامكو في سرعة تنفيذ المشاريع المسندة لها. لذلك فإنني أرى دعم الشركة العقارية السعودية واستعادة نشاطها في عملية البناء والمقاولات وتطبيق التجربة السابقة مع وزارة الخارجية، وبذلك نبقي شركة أرامكو شركة رائدة وعملاقة في مجال تخصصها الحقيقي والذي بنته منذ عقود طويلة، وكلّ يبقى منتِجاً في مجال عمله ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار. والله من وراء القصد. * مدير عام الشركة العقارية السعودية سابقاً