لم يكن سيناريو جلسة مجلس النواب اللبناني العاشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، مختلفا عن السابق، إذ حضر 60 نائبا من نواب فريق" 14 آذار" وكتلة "التنمية والتحرير" ونواب كتلة "اللقاء الديموقراطي" التي يتراسها النائب وليد جنبلاط، وغاب عنها بالطبع نواب حزب الله ونواب مرشحه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، وقد أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة الانتخاب إلى 2 سبتمبر المقبل، فيما وضع السفير السعودي المنتهية مهمته الدبلوماسية في لبنان، علي عواض عسيري، 12 مطلبا على طاولة اللبنانيين، من أجل ما وصفه ب"استقرار لبنان". ورأى مرشح فريق 14 آذار للرئاسة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع خلال متابعته وقائع الجلسة من مقر إقامته في معراب، أن ما يجري جريمة بحق موقع الرئاسة "وكأننا نلغي هذا الموقع بيدنا بهذا الاستهتار في وقت أن العالم العربي بأمس الحاجة لهذا الموقع المسيحي في لبنان". وقال إن "أهل البيت يدمرون الموقع المسيحي وهذا مؤسف للغاية وبمواجهة هذا الموقف اللامسؤول نتمسك بموقفنا الداعي لانتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن". ورأى أن "كل ذلك هو بهدف إيصال شخص معين فقط لا غير للرئاسة و"إلا عمره ما يكون رئاسة جمهورية". واعتبر أن الرئيس سعد الحريري الذي سيزور العماد ميشال عون كما تردد قريبا "لن يستطيع إقناع عون بتسهيل انتخابات الرئاسة، فحتى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي عجز عن ذلك". وانعكست أزمة الانتخابات الرئاسية أيضا على استحقاق الانتخابات النيابية، حيث تقدم النائب نقولا فتوش باقتراح قانون معجل مكرر من الأمانة العامة لمجلس النواب يطلب فيه التمديد للمجلس النيابي سنتين وسبعة أشهر بسبب الظروف الاستثنائية. ورد رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، مؤكد "إننا نريد الانتخابات، وهذا القرار مبدئي ويجب أن نحاول أن نلتزم به، وإذا كان ذلك متعذرا فلنكن واقعيين ونتحمل مجتمعين الموضوع لا أن يزايد كل واحد على الثاني". وقال "نعتقد أن الأولولية هي لانتخاب رئيس الجمهورية وإجراء الانتخابات النيابية". في عرسال، سحب الجيش اللبناني 7 جثث عائدة لمسلحين، من محيط كسارة العويش عند المدخل الغربي لبلدة عرسال، كما سحب 4 جثث في منطقة عقبة المبيضة على أطراف عرسال وعددا آخر من الجثث من وراء حاجز وادي حميد. وقام الجيش بحملة مداهمات في خربة داوود وأوقف عددا من الأشخاص. من جهته، أعلن قائد الجيش العماد جان قهوجي أن "مسلحي تنظيم "داعش" كانوا يدبرون لتحويل لبنان إلى عراق آخر بإثارة فتنة طائفية بين السنة والشيعة، ما يعرض وجود البلد للخطر"، محذراً من "أن الإسلاميين المتشددين الذين يجتاحون العراق وسورية ما زالوا يمثلون تهديدا كبيرا على لبنان"، معرباً عن اعتقاده أن "الجيش والقوى الأمنية متنبهين على مدار الساعة"، موضحاً أن "الإسلاميين المتشددين كانوا يهدفون إلى تحويل بلدة عرسال إلى رأس حربة ينطلقون منها لمهاجمة قرى شيعية مجاورة مما يثير عاصفة طائفية من نار كانت ستدمر لبنان". إلى ذلك، دعا السفير عسيري اللبنانيين، إلى التسامي عن الخلافات، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحصين الدولة، وعدم توريث الخلافات والمشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية للأجيال المقبلة. عسيري وفي حفل توديع له أقامه رئيس الوزراء تمام سلام، بمناسبة انتهاء فترة عمله سفيرا للرياض في بيروت، وسط حضور لفيف كبير من السياسيين، خاطب اللبنانيين بالقول: "أحبوا لبنان. احرصوا على لبنان. تعالوا على خلافاتكم، تحاوروا، وتصارحوا، وتصالحوا، عززوا وحدتكم الوطنية، حصنوا لبنان، عمروه، طوروه، ازرعوا أرضه، واجعلوا أرزه شامخا، أمّنوا لأبنائكم مستقبلا جميلا زاهرا، وسلموهم بلادا آمنة، مزدهرة، مستقرة، لؤلؤة مشعة في هذه المنطقة، لا تورثوهم الخلافات والمشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية، تمسكوا بهم واجعلوهم يؤمنون بأرضهم ووطنهم وأرزهم". اللافت في حفل توديع السفير عسيري، حضور أعضاء تيار الثامن من آذار كافة، الأمر الذي وصفته مصادر "الوطن" بالأكثر أهميةً من حضور الطرف الآخر، أي تيار الرابع عشر من آذار. ومن بين أعضاء الثامن من آذار، أعضاء من حزب الله، وحركة أمل، ورؤساء سابقين للجمهورية اللبنانية، في مناسبة وصفتها مصادر لبنانية ل"الوطن"، تنبثق من ثقل المملكة العربية السعودية، في نفوس اللبنانيين، وهي التي تتعامل مع كل القوى السياسية على مسافة واحدة.