أول ما يلفت انتباهك، وأنت تتنقل بين بسطات بيع حلاوة العيد، التي تنتشر في مناطق مختلفة من محافظة جدة هذه الأيام، هو الإقبال الكبير على شراء أصناف الحلويات التقليدية التي تربعت على مدار عقود سابقة على عرش حلويات العيد السعيد. ولا يبدو أن حلويات العلامات التجارية الراقية ستكون هي المسيطرة على دفة السوق المحلي، وأن هناك منافسا ظهر لها على السطح، يستخدم استراتيجية سوقية تقليدية بامتياز تتمحور حول "قديمك .. نديمك"، وهي العبارة الرائجة والوحيدة التي تسمعها، وأنت تتجول بين تلك البسطات التي داومت منذ سنوات طويلة على بيع أصناف الحلويات التقليدية في الأيام الخمسة الأخيرة من شهر رمضان. هنا على امتداد واسع من سوق العلوي العتيق بجدة، أو كما يحب محبوه أن يطلقوا عليه "وول ستريت التاريخية"، كان الباعة ينثرون على أسطح بسطاتهم الشعبية مختلف أنواع الحلويات التي تعاقبت عليها أجيال كثيرة من الناس، ففي هذا المكان نجد الآباء وأطفالهم يختارون حلواهم التي يريدونها للاحتفال بالعيد. العم صالح الريمي (60 عاماً)، كان يبحث بين بسطات الحلويات عن أصناف محددة داوم عليها منذ عشرين عاماً تقريباً، ولا تخلو سلة العيد منها أبداً، وهي "العروسة، الشطرنج، القزاز، الكورة، وأبو بقرة، والحلقوم"، وهي من الحلويات التي اشتهرت قديماً، وتصنع غالباً في مصانع سورية. من جانبه، يشير أحد أصحاب تلك البسطات أحمد المدني إلى أن حلويات عيد زمان، ما زالت محتفظة بنكهتها السابقة، وما زال الإقبال عليها مستمرا، مستشهداً في حديثه إلى "الوطن" بأن جميع الأصناف المعروضة تنتهي من كثرة الإقبال عليها، ولا يستطعيون تلبية حجم الطلب المرتفع عليها. إلى ذلك، يلاحظ أن صفحات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" تحتفل بحلويات زمان، وأن هناك متخصصين ببيعها إلكترونياً، عبر عرض كميات محددة للبيع، تصل للعميل خلال 48 ساعة من موعد دفع المبلغ مباشرة، وبعض القائمين على تلك الصفحات يستخدمون نفس الاستراتيجية السوقية لأصحاب البسطات "قديمك .. نديمك". يعود المدني ويختلف مع سؤال وجهته "الوطن" له، من أن جمهور الحلويات التقليدية محدود وغالباً ما يكونون من طبقة دون المتوسطة، فينفي ذلك قائلاً "هذا الاستنتاج غير صحيح، فتأتيني عائلات من أعيان العروس، ويحرصون منذ وقت مبكر على حجز كميات متنوعة من حلويات زمان، لروعة مذاقها، ولأنها تعيد شريط ذكرياتهم سنوات للوراء".