يبدي "محمد" وشقيقاه "سعد" و"صالح" تذمرهم مما أسموه "تحولا" في معاملة والديهم لهم، وذلك بعدما أن استقبلت الأسرة مولودها الرابع، حيث استأثر الضيف الجديد بكل الاهتمام، فقد أصبح من نصيبه الحب والرعاية والألعاب الجديدة، وعندما كان يعترض أحدهم يتعلل الأبوان بأنه "صغير"، وأنه وفقا لوصفهما.. "آخر العنقود". وهكذا تتفكك علاقات أخوية عدة، وينمو الشقاق بين الأسر بسبب التمييز الذي يلجأ له عدد من الآباء، فيحدثون به فجوات بين أبنائهم، من ناحية، وبين الأبناء والوالدين من ناحية أخرى. والآباء قد يفضلون الابن المتفوق، أو الصغير، أو الوحيد بين عدة أخوات، وقد يميزون الطفل المريض، ورغم أن المشاعر لا يمكن التحكم بها، فإن لهذا التفضيل آثارا سلبية عديدة، "الوطن" وقفت على حالات أبناء وفتيات تذمروا من تفشي هذه الظاهرة، ووصفوها ب"الشقاق" الذي يضرب ترابط الأسرة. فيما قالت عائشة بكر "عندما وضعت مولودي الثالث، أحطته بكامل اهتمامي، وانشغلت عن بنتي الصغيريتين، لأن الرضيع يحتاج لرعاية أكثر، ولكن ابنتيّ لم تتقبلا شقيقهما الأصغر منذ ولادته، وأصبحتا تبحثان عن حلول علاجية لفصله عنها، حتى أنني أصبحت أخاف أن أتركه وحده لأنهما يرددان دائما.. "أمي نحن لا نحبه". أصبحت الجامعية "هند" أسيرة للمهدئات النفسية، بعد أن تحولت كما تقول إلى جزء مهمل من قبل والدتها التي كانت تميز شقيقها الأكبر عنها، وتحيطه بالحب والاهتمام، متناسية بذلك أن الإناث أكثر من يحتجن للاحتواء، والإشباع العاطفي. وفي نفس السياق، قال أبومحمد وهو أب لثلاث بنات وأربعة أولاد، إن "جميع الآباء يحبون أبناءهم، ولكن الحب قد يزيد لأحدهم، وأنا مثلا أميز ابنتي الكبرى التي نالت درجة الدكتوراه، لأنها الأفضل بينهم"، مشيرا إلى أن المشاعر لا يمكن التحكم بها، في الوقت نفسه، أكد على أهمية أن يبذل الأب جهده للموازنة بين الأبناء في كل شيء. ويعلق رئيس قسم التوجيه والإرشاد بإدارة التربية والتعليم بمحايل والأخصائي النفسي أحمد الخيري على الموضوع قائلا "يجب على الوالدين عدم تفضيل أحد الأبناء على باقي إخوته، لأن ذلك يزرع بينهم القلق والبغضاء والكراهية والحقد للأخ المفضل الذي يحظى برعاية ومعاملة مميزة، وهذا ينعكس سلبا على السلوك العام مع الأخ المعني بالتفضيل، ومع الآخرين خارج الأسرة، كما أن التمييز يولد سلوكا عدوانيا، وهو ما يؤثر على شخصياتهم المستقبلية"، مشيرا إلى أن ديننا الحنيف تطرق لمخاطر التفرقة بين الأبناء في المعاملة، ونهى عنها. وأوضح أن بعض الأسر قد تلجأ إلى تفضيل الطفل الأصغر، وتطلق عليه "آخر العنقود"، وقد تميز الطفل المتفوق في دراسته، أو الطفل الوحيد بين عدة أخوات، أو المعتل بمرض أو غير ذلك. وحذر الخيري الوالدين من خلق فجوة عدائية بين الأبناء، والعمل على تجنب كل ما يجرح مشاعرهم، مؤكدا على حسن المعاملة، والعدل، وبث روح الألفة والإخاء بينهم. ونصح أولياء الأمور باحتواء أبنائهم وبناتهم، ورفع مستوياتهم النفسية والاجتماعية، والمساواة بينهم في كل شيء، حتى في المحبة، والتشجيع، والمدح، والثناء، والرفع بهممهم، وعدم إحباطهم، لتفادي خلق جيل ذي سلوك عدواني. واقترح الأخصائي النفسي أن يجلب الأبوان الهدايا لكي يهدياها الأبناء لكل منهم لزرع الألفة والحب بينهما، وهي طريقة أثبتت نجاحها في دعم العلاقات النفسية بين الإخوة في المنزل الواحد.