أعلن الشاعر البحريني علي الشرقاوي تخليه عن كل أيديولوجيا عرفها، لأنها عبث لا قيمة لها والإنسان وحده هو الجدير بالحب، حسب بوحه خلال تكريمه مساء أول من أمس في اثنينية عبدالمقصود خوجة، الذي عبر في لفتة غير اعتيادية، عن رغبته في طرح كثير من الأسئلة والمداخلات حول الشاعر وتجربته، منذ عام 1975 تاريخ إصدار مجموعته الشعرية الأولى. وقال خوجة في كلمته الترحيبية: من المفارقات أن ضيفنا ولد في عام الهزيمة والتقسيم، وبدأت كتاباته تأخذ منحى آخر في عام النكسة، فسكنها الحس السياسي، وتغير لديه كثير من المفاهيم التي كان يؤمن بها. وفي حديثه اعترف الشرقاوي بأن كثيرا من قصائده كانت بمثابة منشورات سياسية، قائلا: نحن جيل النكسة الذين رفضنا الهزيمة لأننا تربينا على الحس القومي والوطني وكان أول إنتاجي الشعري ضد القطرية والهزيمة، وطبعت مجموعتي الشعرية الأولى وأنا في المعتقل، أيام وشهور قضيتها في السجون إلى أن سجنت لمدة أربعة أعوام كاملة، إن تجربة السجن تعطي الفرصة للشاعر ليتأمل عالمه فليس ثمة ما يعمله السجين غير التأمل، وقد خرجت من السجن بأربعة دواوين شعرية. وأضاف الشرقاوي: بدأت تجربة الكتابة للأطفال في لحظة عاطفية مع ابنتي "فيء" حيث كنت أغني لها أغاني تسرها، واكتشفت أن الأطفال يمكنهم أن يستوعبوا القصائد إذا كانت مغناة، فالأطفال لا يقرؤون ولكنهم يسمعون ويرقصون، وهذا ما يجب أن يكون عليه أدب الأطفال، في طفولتي كنت ألعب كرة القدم، واضطررت لتسلق جدران منزل الشاعر السعودي ناصر بوحيمد، لإحضار الكرة التي سقطت فيه، وهناك رأيت مئات الكتب الرطبة داخل الحوش، فوقع بيدي منها ديوان عمر بن أبي ربيعة، ومن يومها وأنا أتسلق سلم الشعر. وعد الشرقاوي، ناصر بوحيمد مؤسس حركة الشعر الحديث في المملكة وأول من كتب قصيدة التفعيلة في الخليج العربي، مستشهدا بديوانه "قلق". "الوطن" سألت الشرقاوي، كيف يمكنك التخلص من تاريخ اللغة وتعزل نفسك عن النص وقد ولد الشعر في مكان وزمان معينين؟ ورد الشرقاوي بالقول إن الأشياء والكائنات لا تفنى، إنها تذهب إلى ما وراء المجرات، فأنا أكتب القصيدة ولا أعرف ما قلت فيها وارمي حملها على القارئ، أنا لا أكتب شعرا بل ألعب، والكتابة نوع من ألعاب الروح، وحين أكتب لا أفكر في الناقد ولا في القارئ، بل أمارس اللعب في خلق علاقات بين الحرف والحرف والكلمة مع الكلمة، فالشعر روح متصلة بالسماء وبالجزء العلوي من الإنسان وهو ضد كل منطق. فيما وصف الشاعر أحمد عائل فقيهي، الشرقاوي، بأنه شاعر مهموم بقضايا الناس العاديين، ومنحاز للأمكنة والأرض والبحر، وهو يعبر عن روح البحرين ويعكس في شعره طبيعة الناس وهمومهم، ونوهت الشاعرة بديعة كشغري، عن عمق تجربة الشرقاوي وأهميتها على المستوى العربي.