تلقي شخصيات اجنبية ومن جنوب افريقيا اليوم الاربعاء نظرة الوداع على جثمان نلسون مانديلا في مقر الرئاسة في بريتوريا حيث نقل في موكب جاب شوارع المدينة، قبل ان يفتح الموقع لمواطنيه اعتبارا من ظهر اليوم. وكان موكب جنائزي نقل نعش نلسون مانديلا في وقت مبكر صباح الجمعة مغطى بعلم جنوب افريقيا من المستشفى العسكري الى مبنى "يونيون بيلدينغز" مقر الحكومة المهيب في العاصمة الادارية لجنوب افريقيا. عند الانطلاق من المستشفى العسكري، تجمع الموظفون لاداء اغنيات تمجد مانديلا وكان مئات الاشخاص ينتظرون على ارصفة الطرقات مرور الموكب. ووقف موظفو احد المتاجر ينشدون الاغاني ايضا فيما تصدح في الشوارع اصوات ابواق الفوفوزيلا التي تسمع عادة في مباريات كرة القدم. وقالت الموظفة فايغا هارتلي (37 عاما) وهي تذرف دمعة "لدينا انطباع بانها نهاية عصر". وتوجه الموكب الذي مر خصوصا في "شارع ماديبا" نحو مقر الحكومة حيث يسجى جثمان مانديلا، الرمز العالمي للسلام والمصالحة. وقال اوبري ماكغوبيلا (24 عاما) الذي كان ينتظر مرور الموكب بين الحشد لوداع المناضل ضد الفصل العنصري "انها لحظة اعتزاز لجنوب افريقيا". واضاف ان "نلسون مانديلا كان مثل النبي موسى للعالم. امس تصافح اوباما وكاسترو للمرة الاولى وحصل هذا في جنوب افريقيا. مانديلا فعل ذلك"، في اشارة الى المصافحة بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والكوبي راوول كاسترو في سويتو. وبدأت شخصيات كبيرة اجنبية ومن جنوب افريقيا تتوافد لالقاء نظرة الوداع على جثمان مانديلا. وكان من اوائل الذين وصلوا المغني بونو ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي والرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون وفريديرك دو كليرك رئيس جنوب افريقيا قبل تولي نلسون مانديلا هذا المنصب.. وازيل غطاء النعش الملفوف بعلم جنوب افريقيا، حتى منتصفه ليظهر الجزء العلوي من جسم مانديلا الذي يستطيع الزوار الاقتراب الى مسافة متر او مترين منه، كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس. واعتبارا من ظهر اليوم الابعاء يمكن للزوار الآخرين الدخول الى المكان. وهذه الفرصة الاخيرة للجنوب افريقيين لوداع نلسون مانديلا قبل دفنه الاحد في الكاب الشرقي حيث مسقط رأسه. وبعد حفل التكريم الرسمي الذي نظم الثلاثاء في سويتو بحضور حوالى مئة رئيس دولة وحكومة والعائلة وشخصيات اجنبية، وحتى يوم الجمعة ستتمكن كل جنوب افريقيا من وداع مانديلا. وبلا شك ستطغى مشاعر الحزن والتاثر الشديد في الايام الثلاثة المقبلة في هذا الوداع الطويل لبطل كل الشعب. وفي الكاب قررت البلدية تنظيم برنامجها الخاص الاربعاء في ستاد المدينة مع حفلات يحييها جوني كليغ ولايدي سميث بلاك مامبازو. كما يلقي فرنسوا بيينار الكابتن السابق لفريق جنوب افريقيا للركبي بطل العالم في 1995، كلمة وكذلك زعيمة المعارضة هيلين زيل. ولم يلق الحفل الكبير في سويتو الثلاثاء الاقبال الشعبي الهائل الذي كان يتوقعه كثيرون. ذلك من بدون شك لان الطقس كان ممطرا ولان وسائل الاعلام توقعت صعوبات كثيرة في الوصول الى هناك. ولم يشغل الناس سوى ثلاثة ارباع المقاعد في ستاد سوكر سيتي فيما كانت السلطات جهزت ثلاث قاعات اخرى تحسبا لتدفق اعداد من المشاركين. وخطف الاضواء الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال هذا الحفل بعدما كرر التعبير عن اعجابه بنلسون مانديلا ولم يتردد في انتقاد بعض الحكومات في العالم التي وجهت عدة رسائل تضامن مع نضال مانديلا منذ رحيله الخميس الماضي لكنها لا تتسامح مع شعوبها. وقال "هناك الكثير من القادة الذين عبروا عن تضامنهم مع نضال مانديلا من اجل الحرية لكنهم لا يتسامحون مع شعوبهم". واضاف اوباما الذي صفق له الحشد طويلا "يصعب الاشادة برجل (...) والاصعب عندما يكون احد عمالقة التاريخ وقاد الامة الى العدالة". وبعد اربع ساعات من خطابات الاشادة بمانديلا، اطلق الاسقف ديزموند توتو الحائز جائزة نوبل للسلام ورفيق مانديلا، خلال المناسبة بادرة توحيدية حيث تلا مقاطع من خطابه بلغة الافريكان وهي لغة الحكام البيض الذين اضطهدوا السود في السابق. وختم كلمته بقوله "اسال الله ان يبارك بلادنا .. لقد وهبنا الله هدية رائعة تتمثل في ايقونة المصالحة هذه" في اشارة الى مانديلا الذي يعرف بابي امة جنوب افريقيا. واضاف "نعد الله باننا سنقتدي بمثال نيلسون مانديلا" فردت عليه الحشود ب"نعم". وسينقل جثمان البطل الوطني السبت الى قرية كونو (جنوب) الصغيرة على مسافة 900 كلم، ارض الكوزا اجداد مانديلا، وسيوارى التراب هناك الاحد الى جانب والديه وثلاثة من ابنائه في محفل تقليدي يمزج بين الطقوس المسيحية والكوزا.