في انتظار مراسم تشييع الرئيس الجنوب أفريقي السابق نلسون مانديلا الذي توفي الخميس والمقررة في مسقط رأسه كونو (جنوب) في 15 الشهر الجاري، توّحد السكان في حزنهم، ولم ينتظروا المراسم الرسمية لتكريم أول رئيس أسود لبلدهم يرى كثيرون أن شخصيته ونبله منعا اندلاع حرب أهلية في مطلع التسعينات من القرن العشرين، حين قررت الأقلية البيضاء تسليم السلطة إلى الغالبية السوداء. وشهدت مدينة سويتو، أحد أهم ميادين الانتفاضة الشعبية على الفصل العنصري، أجواءً احتفالية أمام منزل مكث فيه مانديلا قبل اعتقاله في 1962، وتحولت أحياناً إلى تجمع سياسي لحزبه المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم. وردد حشد أغانٍ ضد الفصل العنصري ولتمجيد مانديلا، ولوّحوا بورود هاتفين «يعيش مانديلا» و «حياة مديدة لمانديلا». كما شملت مظاهر التعزية عبر وضع رسائل وأكاليل ورود كل الأماكن الرمزية في حياة مانديلا ونضاله، وأهمها المنزل الذي توفي فيه في جوهانسبورغ، وتمثاله في مركز تجاري يحمل اسمه في ضاحية المدينة ذاتها، ومقر الرئاسة في بريتوريا، ومبنى بلدية الكاب حيث ألقى أول خطاب بعد إطلاقه عام 1990. ويتوجه سياسيون، بينهم رؤساء دول حاليون وسابقون وفنانون ورجال دين من أنحاء العالم، إلى جنوب أفريقيا من أجل المشاركة في جنازة قائد النضال ضد الظلم الذي كلفه 27 عاماً في السجن، ما دفع السلطات إلى استدعاء قوات الاحتياط للمشاركة في استعدادات الجنازة. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيحضر التشييع إلى جانب سلفيه جورج بوش وبيل كلينتون، علماً أن أوباما اتصل بأرملة مانديلا، غارسا ماشيل، مقدماً التعازي لها باسم عائلته والشعب الأميركي. ونعى أوباما المناضل الرحل مشيداً بإرثه وإنجازاته، ووصفه بأنه «كان الأكثر شجاعة وتأثيراً على وجه الأرض، لذا أنجز أكثر مما يمكن توقعه من أي رجل». وأعلنت السلطات الجنوب أفريقية أن جثمان مانديلا سيُنقل الأربعاء والخميس والجمعة من المشرحة في موكب، كي يسجى في بريتوريا، حيث مقر الحكومة، «لذا نشجع على الوقوف على جانبي الطريق لدى مرور الجثمان». وسيكون إلقاء نظرة الوداع على جثمان مانديلا ذروة الحداد الوطني الذي يستمر عشرة أيام. وطلِب من الراغبين في ذلك أن يستقلوا باصاً محدداً، وألا يجلبوا معهم آلات تصوير. إلى ذلك، أشاد الرئيس الموزامبيقي روبرت موغابي بمانديلا، معتبراً انه «بطل المقموعين». وقال إن «الحياة السياسية لمانديلا ستبقى رمزاً استثنائياً». ووجه رئيس المجلس الشعبي الأعلى (البرلمان) في كوريا الشمالية، كيم يونغ نام، رسالة تعزية إلى الرئيس الجنوب أفريقي زوما، مشيداً بمعركة المناضل الراحل ضد «العنصرية ومن أجل الديموقراطية، وإنجازاته التي لن ينساها شعب جنوب أفريقيا أبداً والإنسانية التقدمية».