محمد علي العجلاني في هذه الأيام العظيمة، أيام الحج تتشرف مملكتنا وحكامها وأهلها بحجاج بيت الله العتيق من مشارق الأرض ومغاربها ولا شيء أشرف من خدمة ضيوف الرحمن، ويتجند أهل هذه البلاد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين لخدمة ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم وأمنهم، ويحرص كثير من ضيوف الرحمن بعد أداء فريضة الحج على زيارة المدينة والسلام على خير الأنام محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكثير من الحجاج لا يراعون آداب زيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحقيقة أن زيارة مسجد المصطفى من فضائل الأعمال والصلاة في مسجده، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا". وروى أحمد في مسنده عن عبدالله بن الزبير قال: قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمئة صلاة"، والمدينة هي مدينة هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، التي دعا لها بقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي مما جعلت بمكة من البركة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة وأشد، اللهم بارك لنا في صاعها ومدها وصححها لنا). ولقد درج المسلمون لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم والصلاة في الروضة الشريفة، حيث يدعون الله في تلك البقعة المباركة التي هي روضة من رياض الجنة، حيث جلس الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأبرار رضوان الله عليهم في تلك الأماكن، يتذكر المؤمن يرجع بذاكرته إلى الماضي، حيث كان صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في الدعوة لهذا الدين العظيم وإرساء قواعده في تلك الأماكن، وفي مسجده صلى الله عليه وسلم، فكثير من ضيوف الرحمن لا يراعون آداب الزيارة، حيث ينبغي لمن قصد مسجده أن يكثر من الصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، طول الطريق إلى المدينةالمنورة وإلى المسجد النبوي، وأن يدخل المدينة في أدب وخشوع وتواضع، وأن يستشعر عظمة من هو قادم عليه وجلال منزلته صلى الله عليه وسلم، وأنه هو الذي اصطفاه مولاه أنقذ به من الضلالة وهدى به من الجهالة وجعل طاعته كطاعة الله سبحانه، قال تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، ووجه إلينا الخطاب في كتابه العزيز يقول (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوه)، تعريفا بقدره وما ينبغي له صلى الله عليه وسلم، وعند زيارته صلى الله عليه وسلم على الزائر أن يجعل وجهه وصدره إليه وظهره إلى القبلة، مبتعدا مترين وثلاثة تأدبا واحتراما وتوقيرا واتباعا ثم يقول قبالة الرأس والوجه الشريفين: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويكفي هذا في السلام وإن توسع في السلام بذكر بعض أوصافه أحواله صلى الله عليه وسلم فلا حرج نحو السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام عليك يا نبي الرحمة، السلام عليك يا هادي الأمة، السلام عليك وعلى آهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين وجزاك الله أفضل ما جزي رسول عن أمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله وخير من خلقه وأنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده صلوات الله وسلامه عليك في الأولين والآخرين إلى يوم الدين، وإن كان أحد أوصى الزائر فليقل السلام عليك من فلان ابن فلان ولا ينسى أحدا ممن أوصاه السلام عليه صلى الله عليه وسلم، ثم يقرأ قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). ثم يتجه عن يمينه قدر ذراع ليكون قبالة أبي بكر - رضي الله عنه - وليسلم عليه، ثم قدر ذراع يمينا كذلك ليسلم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. ثم ليدع الله ما يحب وتسأل الله شفاعته صلى الله عليه وسلم لك ولأهلك وإخوانك ووالديك ولمن تحب وبكل من آمن برسالته. أما البدع التي يقوم بها بعض الزائرين لمسجده صلى الله عليه وسلم وكذلك في البقيع، فلا تجوز وعلى المسلمين معرفة قدر هذه الأماكن العظيمة واتباع أوامر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ليعودوا إلى أوطانهم مغفورا لهم بإذن الله بعد أدائهم الركن الخامس، ونحمد الله العظيم أن جعلنا من خدام بيت الله الحرام، وهذا تشريف لنا لما نقوم به في هذه البلاد الطاهرة قبلة المسلمين وعلى رأسها قائدنا الذي تشرف بمسمى خادم الحرمين.