شهدت مصر أمس مظاهرات حاشدة من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي للمطالبة بعودته إلى منصبه، حيث خرجت أكثر من 100 مسيرة حاشدة في محافظات مصر المختلفة، تلبية للدعوة التي أطلقها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" لإحياء مليونية "كسر الانقلاب"، فيما شهدت المنطقة المحيطة بجامع الأزهر اشتباكات عنيفة بين مؤيدي مرسي وقوات الأمن. وكانت القوات المسلحة المصرية قد حذرت مما وصفته بالانحراف عن المسار السلمي للتعبير عن الرأي خلال مظاهرات الأمس، ومن اللجوء إلى العنف أو تخريب المنشآت العسكرية أو تكدير السلم المجتمعي. وقال بيان للجيش إن "من يلجأ إلى خيار العنف والخروج عن السلمية سيعرض حياته للخطر". وقبل ساعات من مظاهرات الأمس دعت السفارة الأميركية رعاياها إلى الحد من تحركاتهم وتجنب المناطق المعرضة للتجمعات مع الابتعاد الفوري عن أي منطقة تشهد تجمعا للحشود، محذرة من إمكانية تطورها وأن تتحول من الطابع السلمي إلى مواجهات قد تتصاعد بدورها إلى أعمال عنف، كما حثت الأميركيين في مصر على الاهتمام بمتابعة التقارير الإخبارية المحلية وتخطيط أنشطتهم وفقا لذلك وأشارت السفارة في رسالة أمنية إلى أن حركة أعضائها تبقى مقيدة ومحدودة، فضلا عن التدقيق في كل تحركاتهم وتنقلاتهم لمهام رسمية. إلى ذلك، ألمحت القوات المسلحة المصرية إلى إمكانية ترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة العقيد أحمد محمد علي في تصريحات إعلامية: "السيسي جندي في القوات المسلحة، وإذا تقاعد وقرر خوض الانتخابات الرئاسية، فهذه هي مبادئ الديموقراطية". من جهة أخرى، بدأت الحكومة المصرية أمس حملة دبلوماسية موسعة للتأكيد على التزامها بإقامة ديمقراطية حقيقية راسخة تضمن مشاركة جميع القوى السياسية، بما في ذلك التيار الإسلامي. وقدم وزير الخارجية السفير نبيل فهمي في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري، شرحا لحقيقة التطورات التي تمر بها البلاد منذ ثورة 30 يونيو، كما أجرى اتصالات هاتفية مع وزراء خارجية عدد من دول الاتحاد الأوربي، في مقدمتهم وزراء خارجية السويد واليونان وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي الألماني، حيث أكد فهمي التزام حكومته بسرعة تنفيذ خريطة الطريق التي توافقت عليها القوى السياسية المصرية وفقا للتوقيتات الزمنية الواردة في الإعلان الدستوري ابتداءً من تعديل دستور عام 2012 وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية. من جهة أخرى، أكدت مصادر شبه رسمية وجود مفاوضات حالياً بين السلطة الحاكمة وتيار الإسلام السياسي المطالب بعودة الدكتور محمد مرسي لمنصبه كرئيس للجمهورية. ووفقا لمصدر مشارك في هذه المفاوضات، فإن الاتصالات بين الجانبين التي تمت خلال الساعات الأخيرة، جاءت بغية التوصل لحل للأزمة السياسية الراهنة أو على الأقل إبقاء الوضع كما هو عليه دون تصعيد من أي من الطرفين، مضيفاً أن "المفاوضات التي جرت خلال الساعات الأخيرة كانت صعبة ولم تستطع تحقيق تقدم ملموس على الأرض نتيجة لتعدد أطراف المفاوضات"، على حد قوله. وتشير إحدى قنوات الاتصال بين الطرفين إلى أن ما يعوق إحراز تقدم في المفاوضات هو تعدد أطراف المفاوضات، وأضاف: "الإشكالية تكمن في أنه لا يوجد شخص واحد أو مجموعة أشخاص قادرة على اتخاذ خطوة جريئة على طريق الحل، والجبهتان بالفعل لديهما شعور بالقلق من استمرار المؤيدين للموجة الثانية للثورة أو المؤيدين لعودة مرسي في الشارع لأن ذلك يرفع من احتمالات الصدام وسقوط مزيد من الضحايا واستمرار نزيف الدماء". وأشار المصدر إلى أن جبهة تيار الإسلام السياسي تضم أيضاً المجموعات الجهادية الموجودة في سيناء التي لديها اتصال بعدد محدود من قيادات الإخوان، مشدداً على أن الإشكالية في أن هذه المجموعات الجهادية التكفيرية لا يمكن السيطرة عليها بالفعل، ولا يمكن إقناعها بإمكانية حل الأزمة مع قيادة الإخوان، وتابع: "القيادات المفاوضة تسعى في هذه المرحلة للسيطرة على الوضع كما هو دون تدهور والدخول في اقتتال مع الجيش تجنباً لتكرار سيناريو 1954 أو الصدام مع المواطنين لأن ذلك يتسبب في خسارة الجماعة الأرضية الاجتماعية والسياسية التي حققتها على مدى أعوام طويلة". بدوره، قال الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم، في تصريحات إلى "الوطن"، إن "العملية نسر 2 التي ستنفذها القوات المسلحة في سيناء خلال الأيام المقبلة سيكون بها من الإمكانيات ما يميزها عن سابقتها نسر 1 التي حدثت في عهد الرئيس السابق محمد مرسي نظرا لتوافر الظروف التي لم تكن متاحة سابقا، خاصة وأن العملية الجديدة ستستخدم فيها الأسلحة والطائرات الهليوكوبتر بشكل أوسع كما أن كتيبتين تحركتا في العريش خلال الأيام الماضية بعد الاتفاق مع إسرائيل على إدخال قوات جديدة لم تكن موجودة في السابق". وأشار مسلم إلى أن مرسي كان يفرض قيوداً على القوات المسلحة في ما يتعلق بتلك العملية، مما أدى لمزيد من انتشار العناصر الإرهابية داخل سيناء"، في سياق منفصل، نفى إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر أن يكون المفتي شوقي علام قد وضع رهن الإقامة الجبرية لمعارضته عزل الرئيس محمد مرسي، مشيراً إلى أن المفتي يمارس مهامه من مكتبه بشكل طبيعي. وأكد نجم أن ما تم تداوله من شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن وضع فضيلة المفتي رهن الإقامة الجبرية عارٍ تماماً عن الصحة. إلى ذلك نفى مصدر أمني أن يكون بين الذين ألقي القبض عليهم أمام الجامع الأزهر سوريون أو فلسطينيون، مؤكداً أن من تم القبض عليهم 13 شخصاً وجميعهم من المصريين.