تحول طائر أبومنجل الأصلع الشمالي، المهدد بالانقراض إلى حمامة سلام لتقوية العلاقات السورية التركية، حيث وافقت تركيا على منح أربعة طيور بالغة إضافة إلى طائرين حديثي الولادة لسوريا. وقد وضعت أسماء الأسد، السيدة الأولى في سوريا الصيغة النهائية للاتفاق، والذي بدأت فصوله نهاية يونيو الماضي من خلال اتصال مباشر أجرته بالسيدة أمينة إردوغان زوجة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان. وهو ما علق عليه كريس بودين، رئيس الفريق الاستشاري الدولي لأبومنجل، قائلا: "أعتقد أن ما جرى يعد مثالا على تحسن العلاقات على مستوى عال بين البلدين". والآن، يقوم فريق من الحكومة السورية والسعودية بتتبع الطيور بعد أن تسببت الطيور غير البالغة في تعليق الإرسال الفضائي التركي. والهدف هو التوصل إلى فهم أفضل للطريق الذي تسلكه ونظامها الغذائي والتهديدات التي تواجهها. حيث وضعت شبكات "آر إس بي بي" بهدف تتبع مسار الطائر والذي وصلت أسراب منه إلى جنوب غرب المملكة العربية السعودية منذ نحو أسبوعين. وطائر أبومنجل الأصلع الشمالي هو طائر متوسط الحجم يبلغ ارتفاعه ما بين 70 إلى 80 سنتيمترا، وهو أسود اللون بشكل عام مع صبغات قزحية اللون من الأزرق والأخضر والنحاسي تظهر في ضوء الشمس. ورأسه أحمر اللون خال من الريش باستثناء عدة ريشات تشكل تاجا منسدلا يميزه بشكل مباشر عن طائر أبومنجل الأصلع الجنوبي الذي يتوطن جنوب أفريقيا. وقد اعتبر أبومنجل طائرا مقدسا لدى أهل مدينة بيرتشك مما حافظ على بقائه فيما بينهم حتى عام 1989 حيث كان يعتبر ظهوره مؤشرا على نهاية الشتاء وهجرة الأرواح. وهو فوق كل شيء كان دليل الحجاج في رحلتهم إلى مكةالمكرمة. وجاءت تسمية أبومنجل الأصلع بهذا الاسم بسبب شكل منقاره الذي يشبه المنجل إضافة إلى كونه أصلع الرأس. وكان وجوده شائعا عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من أوروبا، وكان الفراعنة يبجلونه حتى أنهم اتخذوه رمزا في كتاباتهم الهيروجليفية. ولكنه تعرض للانقراض والتدمير من جراء عمليات الصيد التي كانت تستهدفه حتى إنه لم يعد موجودا منه سوى 450 طائرا في المغرب ونحو 100 في تركيا. وقد اكتشف عدد منه في سوريا عام 2002؛ حيث كان الطائر يختبئ بعيدا في منحدرات الحجر الجيري الواقعة خارج مدينة بالميرا السورية، لكن عدد تلك الطيور في سوريا تراجع بشدة حتى إنه لمن يعد متبقيا منه سوى أربعة طيور فقط بسبب تعاقب مواسم هجرة الطائر والتي يقوم بها سنويا إلى مرتفعات أثيوبيا، وهي الهجرة التي تتم في شهر يوليو من كل عام. وحيث تذهب طيور أبومنجل الأصلع الشمالي في رحلة تمتد عبر الأردن والسعودية واليمن، ومن ثم تتجه عبر البحر الأحمر إلى أثيوبيا، بينما يعتقد أن موسم هجرة طائر أبومنجل غير البالغ تتوقف عند حدود المملكة العربية السعودية أو اليمن. وفي السنوات الأخيرة توفي ثلاثة طيور تركية في الأردن صعقا بالكهرباء، في حين لقي طائر سوري حتفه برصاص أحد الصيادين في المملكة العربية السعودية، وآخر توفي هذا الشهر بسبب الإرهاق في المملكة العربية السعودية. يعلق شريف جبور، والذي يعمل بإحدى المحميات التركية، قائلا: "بصراحة، أنا لست متفائلا جدا، فحياة هذا الطائر صعبة وتضطره لقطع رحلات يبلغ طولها أكثر من ألفي كيلومتر. طيور أبومنجل تواجه تهديدات كبيرة خلال مواسم الهجرة سواء من الصيد أو الصعق بالكهرباء، وإذا فقدنا طائرا واحدا نكون قد اقتربنا كثيرا من انقراض هذا الطائر نادر الوجود". فيما يشير ياسر دوستبيل، مدير المحميات الطبيعة والحدائق الوطنية في تركيا إلى أنه "ما زال هناك أمل في الحفاظ على الطائر من الانقراض من خلال المحميات الطبيعية إضافة إلى التعاون بين الدول للحفاظ عليه خاصة وأن هذا التعاون يمكن أن يحوّل الطائر إلى دبلوماسي قادر على تهدئة الأجواء بين البلدان وبعضها البعض". وحسب ما أكده المكتب الإحصائي للأمم المتحدة، فإن طائر أبومنجل الأصلع الشمالي يعد واحدا من بين 26 نوعا من الطيور المهددة بالانقراض في سوريا. وهو ما جعل الحكومة السورية تلجأ إلى مجموعة من التدابير لحماية الطائر الذي تم اكتشافه في منطقة تدمر الصحراوية من الانقراض.