بنظرة توحي بالحسرة يحاول ناشر سعودي (مقر دار نشره في الرياض)، جذب طفلة لا يتجاوز عمرها العشر سنوات لكي تشتري منه قصة ملونة، بل ويشير عليها أن تأخذ أخرى، لأنه لم يجد من يقف أمام معروضاته من الكتب سوى الطفلة وأخيها الأصغر. هذا المشهد ومثله يمر كثيرا أمام زوار معرض الرياض الدولي 2013 الذي تتواصل فعالياته حاليا في العاصمة السعودية. أما سبب الحسرة التي تبدو على وجه الناشر الستيني، فلأن محله شبه الخالي من الزائرين مواجه تماما لدار نشر أخرى يملكها شاب سعودي عرف بإنتاجه الفكري المثير للجدل. وهذه الدار "الشابة" التي تتخذ من عاصمة عربية معروفة بصناعة الكتاب مقرا لها، ولا تحضر إلى المملكة إلا في معرض الرياض، تكاد تختنق بالمتسوقين من الجنسين، حتى إن كتبها الجديدة تكاد تنفد في الأيام الأولى للمعرض. المؤكد والحال هذه،أن "شفرة" ولغز النشر والتوزيع في السوق المحلي ملكتها بشكل كامل، الدور السعودية "المهاجرة" إلى عواصم عربية وعالمية مختلفة.. ما يثير تساؤلات أمام الجهات المختصة بشأن الكتاب السعودي وضرورة إعادة النظر جيدا في دور النشر؟ حسب رأي مراقبين لواقع النشر وصناعة الكتاب. وأجمع مثقفون ومبدعون تبادلوا الحديث حول ظاهرة" الدور المهاجرة" وتأثيرها الكبير في الساحة الثقافية والفكرية في المملكة في إحدى جنبات المعرض،على أن استمرار هذا التدهور للدور التي ترخص داخليا وتعمل في مختلف مناطق المملكة، حولها إلى مكتبات "قرطاسية". لكن الناشر عادل الحوشان صاحب دار"طوى" التي تعتبر من فئة المهاجرة يبدو متفائلا إلى حد كبير بواقع النشر ومستقبله، يقول (أعتقد أن ثلاثة مشاريع ل"صناعة الكتاب" في السعودية خلال السبع سنوات الأخيرة جبرت كسر العظم الذي مورس ضد الكتاب في عقود سابقة. حيث كان هذا الدور غائباً وربما كان الكتاب عملة نادرة... الآن أعتقد أن دوراً سعودية "مهاجرة" قدمت تجربة مهمة في صناعة الكتاب السعودي في فترة لا تتجاوز خمس وست سنوات). وسرت منذ أعوام تكهنات ومخاوف من فقدان الكتاب الورقي مكانه الطبيعي، ولكن الزحام الشديد عليه في معرض الرياض، ومحدودية زائري دور النشر الإلكترونية يوحي بأن تلك الآراء مبالغ فيها، وهو ما يؤكد الحوشان بقوله (حتى الآن يكاد يكون تأثير النشر الإلكتروني على الكتاب السعودي والعربي معدوماً، الكتاب في العالم العربي يشهد طفرة واضحة ومظاهر احتفالية تتمثل بالمعارض الدولية للكتاب والجوائز المحلية والإقليمية، بالتأكيد سيساهم ذلك مستقبلاً في تقديم تجربة جديدة تتمثل بالكتاب الرقمي أو الإلكتروني، لكن حتى الآن هي لا تتجاوز المنافسة على تغيير إيقاع القراءة من خلال الأجهزة الذكية التي لم تفقد الكتاب والورق بهاءهما) . وكالعادة، الطروحات والمقالات والحوارات بين مثقفي العالم العربي لا تنتهي حول تأثير "الربيع العربي"، وهذا ما يراه الحوشان تجاه قضايا النشر والكتاب.. لكنه يستدرك (هناك تأثير على النشر، لكنه في نهاية الأمر تأثير طفيف نظراً لوجود بدائل في دول أخرى تشهد استقراراً،وبالتالي يمكن عدم ملاحظة هذا التأثير، العجلة لم تتوقف وربما أضافت هذه المرحلة العربية موضوعاً جديداً للمفكرين والكتاب والساسة، سيظل أثره بارزاً على مستوى الكتاب وموضوعاته وعناوينه).