قبل أن يبدأ المنتخب السعودي لكرة القدم مهمته في دورة كأس الخليج ال21 التي استضافتها البحرين أخيرا، خرجت أصوات بالمملكة مستبقة الحدث تحذر من الفشل وتنادي بإصلاح الخلل. وجاء خروج "الأخضر" المبكر من البطولة، ليؤكد صحة ما نادت به هذه الأصوات عن وجود خلل إلا أن تشخصيها له جاء متفاوتا وأسبابه متعددة. فبعضهم اتهم المدرب الهولندي فرانك ريكارد حتى تمت إقالته، وبعضهم الآخر رأى أن المشكلة سوء إدارة وأي مدرب يأتي سيفشل، لأن اللاعب السعودي أساسا يتسم بالفكر غير الاحترافي و"غرقان" في ملايين أفقدته الشعور ب"الوطنية"، وعلى الأندية أن تضع حدا لهذا الهدر. إذاً، عوامل الإخفاق كثيرة وتناقش كل يوم في وسائل الإعلام المختلفة، لكن كيف السبيل إلى معالجة هذه المشاكل، لإعادة هيبة المنتخب السعودي، وتكرار إنجازاته السابقة بالتأهل إلى المونديال أربع مرات وتحقيق كأس آسيا ثلاثا؟ قوة المدرب والقرار ويوجز المدرب الوطني علي كميخ العوامل الكفيلة في إعادة هيبة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في نقاط عدة أبرزها: "أن يتم التعاقد مع مدرب صاحب شخصية قوية ليتمكن من اختيار اللاعبين الذين يرغب فيهم من دون تدخل. أن يكون اتحاد كرة القدم أقوى من الأندية فما يحدث الآن هو العكس، وبالتالي نجد كثيرا من الأعذار والاعتذارات والميل لتأجيج الإعلام وهذا أحد أسباب الإخفاق بالتأكيد". ويضيف: "من المهم أن يكون هناك برنامج توعوي يقوي طموحات اللاعبين لأنه كما يبدو هناك ضعف في طموح لاعبينا نحو تحقيق الإنجازات. كما أن المدربين لا يلجؤون إلى الزج بالعناصر الشابة ويخشون من الاعتماد على الشباب، ويجب أن يتم رفع سقف الحوافز المالية والمعنوية للاعبين في المنتخب بحيث يحصلون على مكافآت قيمة مثل التي يجدونها في النادي أو أكثر"، مشددا على أن "العودة للبطولات ومنصات التتويج تتطلب تطبيق جميع ما ذكرت تماما بالحزم والشدة، والقوة في تنفيذ القرارات". مفتاح النجاح ويؤكد الإعلامي عبدالكريم الزامل أن الإدارة هي مفتاح نجاح كل عمل في أي جهة كانت، ويقول: "الإدارة هي الطريق للنجاح مع الرقابة والاستعانة بالكوادر الأجنبية والخبراء ذوي الخبرات الكبيرة. هكذا كان التعليم قبل عقود من الزمان عندما تمت الاستعانة بالكوادر العربية وهذا ما يمكن تطبيقه في الرياضة السعودية حاليا، وللأسف أننا بعد سنوات طويلة نحتاج لاستقطاب خبراء أجانب لإعادة الكرة السعودية إلى مسارها الصحيح، ومن المهم أن يتضمن التخطيط السليم. صقل وتوجيه ويرى المحلل الفني حمد الصنيع أن المرحلة القريبة من الإعداد لمواجهتي الصين وإندونيسيا في فبراير ومارس المقبلين، تتطلب بالفعل مديرا فنيا على دراية بالدوري واللاعب السعودي مثل الإسباني لوبيز كارو. بينما وبعد الانتهاء من هاتين المباراتين على الاتحاد السعودي لكرة القدم البحث عن جهاز فني يضع استراتيجية معينة للقاء العراق ومواصلة اللعب في تصفيات آسيا واجتياز منتخباتها للعب في نهائيات القارة في 2015 بأستراليا. ويقول: "هناك مواهب شابة جيدة في المملكة وأسماء لا تحتاج إلا إلى التوجيه والصقل لتكون قادرة على التمثيل الجيد في الاستحقاقات المقبلة، وهذا هو الدور الذي يجب أن يضطلع به اتحاد الكرة بالتنسيق مع الجهاز الفني الجديد استعدادا لخوض مباراة العراق وبقية المباريات في التصفيات للتأهل إلى نهائيات آسيا، وكذلك كأس العالم 2018، وذلك بخلق توليفة جيدة من اللاعبين لتحقيق الانسجام بينها أمثال نواف العابد ومصطفى بصاص وياسر الشهراني وفهد المولد وأحمد عسيري". ويضيف: "نحن اليوم في 2013 لكننا نحتاج لمجموعة متجانسة يجب أن تتواجد من الآن، لتمثيل المنتخب في 2015 من حيث السن والعطاء والرغبة والحافز. فلا نريد أن يفوز المنتخب في مباراة أو مباراتين ثم يتم تغيير جلد الأخضر، بل نريد تحقيق التجانس والتصاعد بالمستوى. قد أحتاج لعدد من لاعبي الخبرة في المباريات القريبة ثم يجب الضخ بالدماء الجديدة التي ستستدعى في 2015 والاستمرار بها للتأهل إلى المونديال". سياسة الإحلال ويشدد المدرب الوطني حمود السلوة على أن أولى خطوات التصحيح يجب أن تكون بسياسة الإحلال لبعض العناصر بمن سبق وأن مثل المنتخب السعودي الأولمبي والشباب، حتى وإن تمت التضحية ببطولة أو أكثر في سبيل الصبر عليهم وعدم مطالبتهم بالكأس في هذه الفترة. ويتابع: "أتطلع أن يقوم المدير الفني للمنتخب بزيارة الأندية والالتقاء بلاعبيها للتباحث حول عمل مشترك ودراسة حالة العناصر الفنية والذهنية والنفسية، كما أرى أن تتم الاستعانة بأكثر من مدرب مساعد أو أخصائي لياقة بدنية من الوطنيين للاستفادة منهم". ويضيف: "لا بد أن يتم خلق بيئة محفزة للاعبي المنتخب ترفع من طموحات اللاعبين بمنحهم مكافآت أعلى من تلك التي يحصلون عليها مع أنديتهم عند الفوز في المباريات أو تحقيق البطولات". وحول مباراتي المنتخب السعودي أمام الصين وإندونيسيا قال السلوة: "لأنها مرحلة قريبة فيجب استدعاء لاعبين لم يتم الزج بهم مع الأخضر في كأس الخليج الأخيرة نظرا للحاجة إلى خدماتهم مثل أحمد الفريدي وعبدالله العنزي ونواف العابد ويوسف السالم في ظل هبوط مجموعة من النجوم السابقين من ذوي الخبرة، إلى أولئك الذي يقدمون مستويات عالية وعلى درجة كبيرة من الكفاءة والمقدرة. البداية من الصفر ويوضح لاعب الشباب، الدولي السابق عواد العنزي، أنه يجب البداية من الصفر في إعداد منتخب سعودي أول لكرة القدم، معترضا على الاستعانة بمدرب عالمي. ويقول: "يجب أن تمنح الثقة لمدرب إعداد يشرف على المنتخب السعودي الأول لكرة القدم يبدأ معه مرحلة بناء من الصفر. وهناك مدربون وطنيون وعرب يحسنون تأدية هذا الدور أمثال السعودي خالد القروني والتونسي فتحي الجبال والمصري حسن شحاتة. أما الاستعانة بمدرب أجنبي فهو في رأيي غير مستعد للبناء لأنه كغيره من العالميين يتعاملون مع اللاعبين من عقلية احترافية، وهم يحملون شهادات تدريبية لا يطبقونها مع واقعنا الذي يضم لاعبين محترفين بالاسم وليس بالمضمون ويجهلون أهم أسس الاحتراف في حياتهم الكروية. فاللاعب السعودي يجهل متطلبات مركزه ويتمركز بشكل خاطئ أثناء المباريات كما حدث أمام الكويت مؤخرا في كأس الخليج ويكرر هذه الأخطاء التي تعد بدائية وهي فردية يتحملها اللاعب لا المدرب". ويضيف: "لا تستغربوا إذا لم يتأهل منتخبنا من أمام الصين وإندونيسيا فنحن الأقرب للخروج لا التأهل. يجب إعداد الفريق أولا بمدرب وطني أو عربي لعدة سنوات. فاللاعبون متوافرون والذين نعول عليهم موجودون ولا يزالون في العشرينات من العمر، إنما يحتاجون إلى مدرب إعداد يبدأ معهم من الناشئين والشباب والفريق الأول كما فعل المدرب الوطني مهدي علي في الإمارات". نظام إداري من جهته، يجد عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم، رئيس نادي التعاون سابقا محمد السراح أنه لا بد من تعديل الوضع الإداري في المنتخب خصوصا أن اللاعب يجد نظاما يختلف عن ناديه من حيث الانضباطية والعقوبات، والأخيرة غير متوافرة في المنتخب خوفا من إعلام الأندية والجماهير. ويضيف: "لا يوجد إعلام مساند للإداريين عندما تتخذ العقوبات بحق اللاعبين، فالإعلام يصب غضبه على من اتخذ العقوبة بحق لاعب النادي الذي ينتمي إليه الإعلامي". ويتطرق السراح إلى اختيارات المدربين فيقول: "هناك فرق بين مدرب منتخب ومدرب ناد، ففي النادي هو يؤسس لمرحلة طويلة بينما في المنتخب البرنامج قصير. ويجب اختيار جهاز فني لديه خبرة في تدريب المنتخبات ليس الأندية. ولا حاجة لمدرب عالمي بقدر ما نحتاج لمدرب قاد منتخبات وله سجل جيد في تحقيق إنجازات معها". وفيما يتعلق بالجهاز الإداري يرى السراح أن "المهم اختيار إداري يتسم بالإنتاجية وتحقيق إنجازات بغض النظر عن اسمه وناديه، فالمطلوب هو صاحب الفكر الإداري الذي يقرأ الأحداث قبل وقوعها". وماليا يرى أن "يحصل اللاعب على مكافآت مالية ورواتب شهرية محفزة، فالواقع يقول إن هذه المكافآت قليلة والرواتب دائما متأخرة". ويضيف: "هناك جوانب عديدة على مستوى العلاقة بين الأندية والمنتخب، توجد فجوة بين الطرفين، فالأندية غير مقتنعة بمسؤولي المنتخب عندما يتم النقاش بينهما حول الإصابات وبرامج التأهيل". ويتابع "من المفترض أن يكون هناك برنامج توعوي ليسارع بعده اللاعبون في الدفاع عن شعار الوطن ونسيان الأندية أثناء تمثيلهم المنتخب، وعلى اتحاد الكرة أن يرفع من مستوى الطموح لدى اللاعبين بالاستعانة بأشخاص لديهم الخبرة في رفع مستوى القدرات وليس بالضرورة الاستعانة بأخصائيين نفسيين، وتوجيه اللاعبين إلى اللعب والتدريبات بدلا من الاهتمام بالإعلام". ... و"حملة دعم المنتخب" للم الشمل أعلن برنامج "كورة" على قناة روتانا خليجية، عن حملة دعم المنتخب السعودي لِلم شمل المسؤولين والإعلاميين والجماهير حول الفريق، الذي يستعد للمشاركة في تصفيات كأس أمم آسيا المقبلة، وذلك بعد معاناة من اليأس والإحباط جراء النتائج غير المرجوة للأخضر وآخرها خروجه مبكرا من "خليجي 21". وأراد القائمون على الحملة تعديل التوجه نحو المنتخب، وتغيير النظرة السوداوية إلى حالة من التفاؤل، كي تنعكس على اللاعبين في أرض الملعب، وتشد من عزيمتهم، وتعيد روحهم القتالية. وقال رئيس تحرير البرنامج الزميل عوض الصقور: "تعرض المنتخب لانتقادات لاذعة خلال مشاركته في خليجي 21، لدرجة أن اللاعبين شعروا بالإحباط، وكانوا تائهين على أرض الملعب، فسادت مشاعر سلبية من الإحباط، وعدم التركيز في الملعب التي تتطلب منا كوسائل إعلام وجماهير وقفة صادقة مع فريق الوطن؛ ليعود مرة أخرى إلى سابق عهده ومستواه الكبير. وهذا لا يعني أنه ليس هناك أخطاء أو مشاكل فنية، إنما لا يصح أن تعالج الأمور بالهجوم الشرس، خاصة أن هذا الأسلوب لم يكن مجديا.. نحتاج رفع معنويات اللاعبين وتعميق إحساسهم بالمسؤولية، ودفعهم لعدم خذلان من يساندونهم". ويؤكد معد البرنامج الزميل حسن الجهني، أنه سيتم التركيز على محاور وموضوعات خاصة تهدف إلى رفع معنويات اللاعبين، وسيوجد مراسلو البرنامج في معسكرات وملاعب المنتخب لتغطية المساندة الجماهيرية، والتعاون مع الإعلاميين للابتعاد عن الأجواء السلبية التي صاحبت الهزائم السابقة. ويوضح مقدم البرنامج الزميل تركي العجمة، أن حالة الإحباط التي أصابت لاعبي المنتخب والمجتمع بجميع فئاته، دفعت القائمين على البرنامج إلى اتخاذ خطوة لتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين، كون وسائل الإعلام هي مرآة لما يحدث، كما هو حال اللاعب أيضا في كل مكان. ويقول: "الحملة هي اجتماعية متنوعة، يشارك فيها كل أفراد المجتمع، من مسؤولين وإعلاميين وفنانين، وحظيت بالتجاوب، إذ وجدت الدعم"، لافتا إلى أن عددا من الإعلاميين العاملين في قنوات أخرى منافسة، لم يترددوا في المشاركة أيضا دعما لحملة الوطن. وكشف أن القائمين على البرنامج، يدرسون إمكانية نشر كتيب أو "سي دي" أو وضع لوحة "بوستر" تضم كل من شارك في الحملة، وتوضع في الملعب يوم مباراة المنتخب.