كانت درعا هي مهد الانتفاضة، لكن هذه المدينة الواقعة على الحدود الجنوبية تجسد حالة التأزم الراهنة في الصراع السوري بعد 22 شهرا من اندلاع الانتفاضة. ويتوجس الأردن الواقع إلى جنوب سورية من امتداد الصراع إليه. وأحكم سيطرته على حدوده الممتدة 370 كيلومترا مع سورية ومنع عبور مقاتلين إسلاميين أو أسلحة. ويصعب ذلك الوضع بالنسبة لمعارضي الأسد في سهل حوران وهو من أكثر المناطق التي بها وجود عسكري كثيف، حيث كان الجيش ينتشر منذ زمن طويل للدفاع عن المداخل الجنوبية إلى دمشق في مواجهة أي تهديد إسرائيلي. وشكا معاذ الزعبي وهو ضابط في الجيش السوري الحر خلال اتصال عبر "سكايب" من العاصمة الأردنية عمان قائلا "لا شيء يأتي من الأردن.. لو كانت كل قرية بها أسلحة لما عرفنا الخوف لكن عدم وجودها يؤدي إلى تدني الروح المعنوية". ويقول المقاتلون في سورية إن الأسلحة تتسلل أحيانا بالفعل عبر الحدود مع الأردن لكنهم يعتمدون بدرجة أكبر على الترسانة التي يصادرونها من قوات الأسد والأسلحة التي تصل إليهم من تركيا البعيدة جغرافيا. وأقامت قوات الأسد عشرات من نقاط التفتيش في درعا، وهي مدينة أغلب سكانها من السنة، كان يعيش بها 180 ألف شخص قبل قيام الانتفاضة. ويقول سكان ومعارضون إن القوات الحكومية فرضت طوقا أمنيا محكما نادرا ما يتمكن المسلحون من اختراقه بخلاف التفجيرات الانتحارية التي ينفذها مقاتلون إسلاميون من حين لآخر. ويقف نشاط الثوار عند الحد الأدنى إلى الغرب من درعا، حيث تنتشر قواعد عسكرية قرب هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وسيطر مقاتلو المعارضة على بعض البلدات والقرى في قطعة من الأرض طولها 25 كيلومترا إلى الشرق من درعا، لكن القصف المكثف للجيش السوري والغارات الجوية أدت إلى تحول بعض من تلك البلدات والقرى إلى أنقاض وأجبرت سكانها على الانضمام إلى عدد متزايد من اللاجئين إلى الأردن. لكن رغم مضي أكثر من شهر على القتال فإن قوات الأسد لم تتمكن من إخراج المقاتلين من معاقلهم في المنطقة الوعرة البركانية التي تمتد من بصر الحرير على بعد 37 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من درعا إلى مشارف دمشق. وإلى الشرق أكثر تقع السويداء التي تعيش بها الأقلية الدرزية التي أحجمت عن المشاركة بصورة كبيرة في الانتفاضة. وقال أبو حمزة وهو قائد في لواء أبابيل حوران "إذا تم تحرير هذه المنطقة فإن مسارات الإمداد من الجنوب إلى دمشق سوف تقطع... درعا هي المفتاح للعاصمة".